رسالة في « محمّد بن الحسن » - صفحه 513

فائدة [ 8 ] : [ في الصحي والصحر ]

المعروف أنّ صاحب المعالم يقتصر في العمل بخبر الواحد على الخبر المزكّى بتزكية العدلين ، ۱ أعني : «الصحي» في قبال «الصحر» لكن مقتضى كلامه عند الكلام في «الصحي» و «الصحر» أنّه لو قام شهادة العدل الواحد أو شهادة العدلين مع كون شهادة أحدهما مأخوذةً من شهادة الآخَر ـ كما في توثيقات العلاّمة في الخلاصة حيث إنّها مأخوذة من النجاشي مع قيام القرائن الحاليّة التي يطلع عليها الممارس ـ فهو في حكم «الصحي» عملاً ، لكنّه ذكر أنّه أدرجه في «الصحر» اسما . ۲
والظاهر أنّه جرى على إمكان تحصيل العلم بعدالة الرواة .
والظاهر أنّ المقصود بالقرائن المشار إليها إنّما هو ما يفيد العلم ، فالأمر فيما في حكم «الصحي» من باب قيام القرينة الموجبة للعلم .
ويرشد إلى ما ذُكر قوله : فإنّ تحصيل العلم بعدالة كثير من الماضين وبرأي
جماعة من المزكّين أمرٌ ممكن بغير شكّ من جهة القرائن الحاليّة والمقاليّة ، ۳ إلاّ أنّه خفيّة المواقع متفرّقة المواضع ، فلا يهتدي إلى جهاتها ولا يقدر على جمع أشتاتها إلاّ مَنْ عظم في طلب العصابة جهده وكثر في تصفّح الآثار كدّه ، ولم يخرج عن حكم الإخلاص في تلك الأحوال قصده .
وقال في المنتقى في بحث الركوع والسجود : وحيث إنّ الرجل ثقة بمقتضى شهادة النجاشي لجميع آل أبي شعبة بالثقة فالأمر سهل . ۴ ومقتضاه القناعة في التوثيق بتوثيق شخصٍ واحد .
وحكى عنه نجله : أنّه كان يقنع بالرواية الدالّة على العدالة في صورة الانضمام إلى التزكية من عدلٍ واحد .
وحكى السيّد السند النجفي في ترجمة الصدوق أنّه جَعَل الحديث المذكور في الفقيه من الصحيح عنده وعند الكلّ . ۵
لكنّه قال في المنتقى بعد ذكر بعض أخبار الخمس :
وهذا الحديث وإن لم يكن على أحد الوصفين ، فلطريقه جودة يقوّيها إيراده في كتاب مَنْ لا يحضره الفقيه ، فقد ذكر مصنّفه أنّه لا يورد فيه إلاّ ما يحكم بصحّته ـ يعني : صدقه ـ ويعتقد فيه أنّه حجّة بينه وبين ربّه ، وأنّ ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع . ۶
ومقتضاه عدم اعتبار الحديث المذكور في الفقيه بنفسه .
والظاهر أنّ مقصوده ب «أحد الوصفين» هو كون الخبر من «الصحي» أو ممّا في حكم «الصحي» وقد عرفت المقصود بما في حكم «الصحي» .
وربّما حكى السيّد السند المشار إليه : أنّه حكى عن صاحب المعالم تلميذُه الشيخ الجليل عبد اللطيف بن أبي جامع في رجاله : أنّه سمع منه مشافهةً يقول : كلّ رجل يذكر في الصحيح عنده فهو شاهد أصل بعدالته لا ناقل . ۷
وقال في الأمل :
عبد اللطيف بن عليّ بن أحمد بن أبي جامع العاملي كان فاضلاً محقّقاً صالحاً فقيهاً ، قرأ عند شيخنا البهائي والسيّد محمّد بن عليّ بن أبي الحسن العاملي وغيرهما ، وأجازوه ، وله مصنّفات منها : كتاب الرجال ، وهو لطيف ، وكتاب جامع الأخبار في إيضاح الاستبصار ، وغير ذلك . ۸ انتهى .
والمقصود بالسيّد محمّد هو صاحب المدارك .
وقد حكى المحقّق الشيخ محمّد في بعض تعليقات التهذيب عن والده صاحب المعالم : أنّه ادّعى العلم باعتماد النجاشي على شاهدين .
والمقصود ب «الصحي» هو الصحيح عندي ، كما أنّ المقصود ب «الصحر» هو الصحيح عند المشهور ، والأمر من باب الرمز والإشارة ، وكما أنّه جعل صورة النون إشارةً إلى الحسن .
ويمكن أن يكون «الصحي» إشارةً إلى صحيحي ، و «الصحر» إشارة إلى صحيح المشهور .
وربما جعل السيّد السند النجفي «الصحي» إشارةً إلى صحيحي ، و «الصحر»
إشارة إلى الصحيح عند المشهور ، ۹ ولا دليل عليه ، بل هو بعيد .
والصَحي : بفتح الصاد وتخفيف الياء ، لا كسر الصاد وتشديد الياء كما في الصِحّ على ما اصطلح السيّد الداماد فيما كان بعضُ سنده بعضَ أصحاب الإجماع لو لم يكن ذلك البعض أو بعض ما تأخّر عنه من رجال الصحّة ، والمقصود به المنسوب إلى الصحّة باعتبار نقل الإجماع .
وقد اشتبه الحال على السيّد الداماد حيث حَكَم بأنّ ما يقال : «الصحر» ويراد به النسبة إلى المتكلّم على معنى الصحيح عندي لا يستقيم على قواعد العربية ؛ إذ لا تسقط تاء الصحّة إلاّ عند الياء المشدّدة التي هي للنسبة إليها ، وأمّا الياء المخفّفة التي هي للنسبة إلى المتكلّم فلا يصحّ معها إسقاط تاء الكلمة ، كسلامتي ، وكتابتي ، وصنعتي ، وصحبتي ؛ لأنّ «الصحي» في كلام صاحب المعالم بفتح الصاد وهو من باب الرمز والإشارة ، والمقصود به الصحيح عندي كما سمعت ، قبال «الصحر» المقصود به الرمز والإشارة ، والغرض الصحّة المضافة إلى ياء المتكلّم ، وليس «الصحي» في كلامه بكسر الصاد وتشديد الياء كما زعمه السيّد الداماد حتّى يرد ما أورد به .

1.معالم الاُصول : ۲۰۴ .

2.منتقى الجمان ۱ : ۲۲ ـ ۲۳ ، الفائدة الثانية .

3.في حاشية كتاب النجاشي في ترجمة محمّد بن يحيى الأشعري ـ والظاهر أنّ الحاشية بخطّ صاحب المعالم ، كما أنّ في ظهر الكتاب خطَّه وخاتمه ـ : كفاية شهادة القرائن مع تزكية النجاشي . لكنّه مبنيّ على دلالة «ثقة في الحديث» على العدالة ؛ إذ المدار في التزكية على التعديل ، والنجاشي قال في ترجمة المشار إليه : «ثقة في الحديث» (منه عفي عنه) . وانظر رجال النجاشي : ۳۵۳ / ۹۴۶ .

4.منتقى الجمان ۲ : ۴۳ .

5.رجال السيّد بحرالعلوم ۳ : ۳۰۰ .

6.منتقى الجمان ۲ : ۴۴۴ .

7.رجال السيّد بحرالعلوم ۳ : ۳۰۰ .

8.أمل الآمل ۱ : ۱۱۱ / ۱۰۳ وفيه : «قرأ عند شيخنا البهائي وعند الشيخ حسن بن الشهيد الثاني والسيّد محمّد ...» .

9.رجال السيّد بحرالعلوم ۲ : ۱۹۷ .

صفحه از 520