[ في توثيقات العلاّمة ]
ثمّ إنّه قد حكم صاحب المعالم ـ على ما حكى نجله عنه شفاهاً ـ بعدم اعتبار توثيقات العلاّمة ؛ لكثرة أوهامه وقلّة مراجعته في الرجال ، وأخْذِه من كتاب ابن طاووس ، وهو مشتمل على أوهام ، كما أنّه قد تأمّل نجله في تصحيحات العلاّمة ؛ تعليلاً بكثرة ما وقع له من الأوهام في توثيق الرجال . قال : نعم ، يشكل الحال في توثيق الشيخ ؛ لأنّه كثير الأوهام أيضاً . ثمّ قال : الاضطراب قد عُلم من العلاّمة في التصحيح ، كما يُعرف من المنتهى .
ويقتضي القول بذلك ما ذكره الشهيد الثاني في بعض تعليقات الخلاصة ـ عند ترجمة إبراهيم بن محمّد بن فارس ـ من أنّ الغالب من طريقة العلاّمة في الخلاصة متابعة السيّد جمال الدين بن طاووس حتّى شاركه في كثير من الأوهام . ۱
وكذا ما ذكره السيّد السند التفرشي ـ في ترجمة حذيفة بن منصور ـ من أنّ العلاّمة في الخلاصة كثيراً مّا وثّق الرجل بمحض توثيق النجاشي أو الشيخ ، وإن كان ضعّفه ابن الغضائري أو غيره ، وعدَّ جماعة . ۲
وتفصيل الحال موكول إلى ما حرّرناه في الرسالة المعمولة في تصحيح الغير . وأيضاً حكى المولى التقي المجلسي أنّ صاحب المعالم لم يعتبر توثيق العلاّمة والسيّد بن طاووس والشهيد الثاني ، بل أكثر الأصحاب ؛ تمسّكا بأنّهم ناقلون عن القدماء . ۳
والمولى المشار إليه لم يعتبر أيضاً تصحيح العلاّمة ؛ لكثرة تصحيحه بالصحّة عند القدماء ، فلا يجدي في الصحّة باصطلاح المتأخّرين .
ولعلّ دعوى كثرة تصحيح العلاّمة بالصحّة عند القدماء إشارة إلى ما ذكره العلاّمة في الخلاصة من أنّ طريق الصدوق إلى أبي مريم الأنصاري صحيح وإن كان في طريقه أبان بن عثمان وهو واقفيّ ؛ لأنّ الكشّي قال : إنّ العصابة أجمعت على تصحيح ما يصحّ عنه . ۴
وكذا ما ذكره في الخلاصة من أنّ طريق الصدوق إلى معاوية بن شريح وإلى سماعة صحيح ، ۵ مع وجود عثمان بن عيسى في الطريق ، وهو واقفيّ .
والظاهر أنّ الوجه في التصحيح : أنّه حكى الكشّي عن بعضٍ نقل الإجماع على التصديق والتصحيح في حقه . ۶
لكن يمكن أن يكون تصحيح الطريق إلى معاوية بن شريح بواسطة اتّحاده مع معاوية بن ميسرة بن شريح ، وصحّة الطريق إليه ، كما جرى على القول به بعض الأعلام ، بل على ذلك المنوال الحال فيما ذكره في الخلاصة أيضاً من أنّ طريق الصدوق إلى معاوية بن ميسرة وإلى عائذ الأحمسي وإلى خالد بن نجيح صحيح ، ۷ مع أنّ الثلاثة المذكورين غير مذكورين بتوثيق ولا بغيره على ما ذكره الشهيد الثاني في الدراية . ۸
وكذا الحال فيما ذكره في المختلف ـ في مسألة ظهور فسق إمام الجماعة ـ من : أنّ حديث عبد اللّه بن بكير صحيح ، مع أنّه واقفيّ ؛ استناداً إلى نقل إجماع العصابة من الكشّي ، ۹ على ما ذكره السيّد الداماد . ۱۰
لكنّك خبير بأنّ الغرض من الصحيح فيما ذكره الشهيد والسيّد الداماد إنّما هو الصحّة إلى معاوية بن ميسرة وأمثاله ، فمعاوية بن ميسرة وأمثاله خارجة عن الصحّة ، فليس إطلاق الصحّة في الموارد المذكورة مبنيّاً على الخروج عن الاصطلاح .
ومن قبيل الموارد المذكورة قول العلاّمة في الخلاصة في شرح حال طرق الفقيه : وعن زرعة صحيح وإن كان زرعة فاسدَ المذهب . ۱۱
بل قد اتّفق الخروج عن الاصطلاح الجديد في الصحّة من غير العلاّمة من المتأخّرين أيضاً ، كالشهيد الثاني في المسالك ، ۱۲ والعلاّمة الخوانساري ، وصاحب الحدائق ، ۱۳ بل قد عدّ الشهيد الثاني في الدراية موارد أُخرى للخروج عن الاصطلاح ، ۱۴ وكذا السيّد الداماد ، ۱۵ وقد ذكر بعض تلك الموارد في المنتقى ومشرق الشمسين . ۱۶
إلاّ أنّ الحال في تلك الموارد نظير الحال في الموارد المتقدّمة ، فتوهّم تطرّق الخروج عن الاصطلاح فيها مبنيّ على الاشتباه بين الدخول في الصحّة والخروج عنها ، وتفصيل الحال موكول إلى ما حرّرناه في الرسالة المعمولة في تصحيح الغير .
1.حواشي الشهيد الثاني على خلاصة الأقوال : ۲ ، لايخفى أنّه لايوجد ما نسب إليه فلاحظ .
2.نقد الرجال ۱ : ۴۰۶ / ۱۱۹۵ / ۴ .
3.روضة المتّقين ۱۴ : ۱۷ .
4.خلاصة الأقوال : ۲۷۷ ، الفائدة الثامنة .
5.خلاصة الأقوال : ۲۷۹ ، الفائدة الثامنة ، وفي ص ۲۷۷ : طريق الصدوق إلى سماعة بن مهران حسن .
6.رجال الكشّي ۲ : ۸۳۱ / ۱۰۵۰ .
7.خلاصة الأقوال : ۲۷۷ و ۲۷۸ ، الفائدة الثامنة .
8.الدراية : ۲۱ .
9.مختلف الشيعة ۲ : ۴۹۷ ، المسألة ۳۵۷ .
10.الرواشح السماويّة : ۴۷ ، الراشحة الثالثة .
11.خلاصة الأقوال : ۲۷۷ ، الفائدة الثامنة .
12.مسالك الأفهام ۱۵ : ۲۵ .
13.انظر الحدائق الناضرة ۱ : ۱۴ .
14.الدراية : ۲۲ .
15.الرواشح السماويّة : ۴۷ ، الراشحة الثالثة .
16.منتقى الجمان ۱ : ۱۲ ؛ مشرق الشمسين : ۳۴ .