رسالة في « محمّد بن سنان » - صفحه 614

فهو أعمّ من الإفراط والتفريط .
قلت : حاش للّه ، المدار في التجاوز عن الشيء على الوصول إليه والتعدّي عنه ، فالمدار في التجاوز عن الحدّ على الوصول إليه والتعدّي عنه .
وإن قلت : إنّه كما يستلزم التجاوز عن التفريط إلى الإفراط الوصولَ إلى الحدّ والتعدّيَ عنه ، فكذا التجاوز عن الإفراط إلى التفريط يستلزم الوصول إلى الحدّ .
قلت :إنّ مرتبة الإفراط بعد مرتبة الاعتدال والتفريط ، فلامجالَ للتجاوز عن الإفراط إلى التفريط .
نعم ، قد يتّفق في الخارج الإفراطُ قبل الاعتدال والتفريط ، كما لو جرى زيد في معيشته على الإفراط ـ [أي] على الإسراف ـ ثمّ الاعتدالِ ثمّ التفريطِ ، لكن مرتبة الإفراط في الأوّل بعد مرتبة الاعتدال والتفريط . وأمّا التفريط فمرتبته قبل مرتبة الاعتدال والإفراط ؛ فلابدّ في التجاوز عنه إلى الإفراط من التجاوز عن الحدّ ، وإلاّ يلزم الطفرة هذا .

[ بحث في الإفراط والتفريط ]

ولمّا جرى ذكر الإفراط والتفريط ، فقد أعجبني شرح حالهما من باب المناسبة ومزيد الفائدة ، فنقول : إنّه قد اشتهر استعمال الإفراط والتفريط على وجه المقابلة والتضادّ ، وقد وقع التفريط في القرآن كرارا ، كقوله سبحانه في سورة الأنعام : « يَـحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا » .۱
وقولِه سبحانه في السورة المذكورة « مَّا فَرَّطْنَا فِى الْكِتَـبِ مِن شَىْ ءٍ »۲
وقولِه سبحانه في تلك السورة : « وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ »۳

1.معانى الأخبار، ص۲۶۰ ؛ بحار الأنوار ، ج۷۱ ، ص۸۷ و ج۷۷ ، ص۴۲۰ .

2.الأنعام (۶) : ۳۱ .

3.الأنعام (۶) : ۳۸ .

صفحه از 692