[ غفلة الشيخ في التهذيب عن طريقة الكليني ]
وربّما روى الشيخ في التهذيب عند الكلام في أنّه لا اعتكاف أقلَّ من ثلاثة أيّام عن الكليني ، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب ، عن أبي أيّوب ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، ثمّ قال : وعنه ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاّد الحنّاط ، قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام . ۱
والكليني روى عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاّد الحنّاط إلى آخره ثمّ روى عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب ، عن أبي أيّوب ، عن أبي بصير إلى آخره ۲ وأسقط العدّة حوالةً إلى السند السابق . والشيخ بنى على كون رواية الكليني عن أحمد في رواية أبي أيّوب بلا واسطة ، ولذا روى رواية الكليني عن أحمد.
وصرّح الشهيد الثاني في الحاشية ـ كما عن خطّه ـ بأنّ الشيخ غيَّر الترتيب وأوهم أنّ الكليني يروي عن أحمد بن محمّد في الأوّل بلا واسطة وفي الثاني بواسطة ، وهو سهو فاحش . ۳
ومقتضاه دعوى عدم تفطّن الشيخ بطريقة الكليني .
وأيضا روى الشيخ في التهذيب بعد ذلك بقليل عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمّد، عن داود بن سرحان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام . ۴
والشيخ بنى على رواية الكليني عن سهل بلا واسطة ، مع أنّ الكليني أحال حالَ إسقاط الواسطة على السند السابق ، حيث روى عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد . ۵
وحكم الشهيد الثاني في الحاشية ـ كما عن خطّه أيضا ـ بأنّه توهَّم الشيخ وغيرُه كونَ رواية الكليني عن سهل بن زياد بلا واسطة ، لكن يقول : إنّ الشيخ في الاستبصار قد أدرج العدّة في البين في رواية أبي بصير المشار إليها ، ۶ وكذا في رواية سهل المتقدّمة ، ۷ مع أنّ مقتضى ما يأتي من المولى التقيّ المجلسي في باب أحمد بن محمّد العاصمي ۸ تفطُّنُ الشيخ وغيرِه بطريقة الكليني في إسقاط الواسطة من أوّل السند حوالةً للحال إلى السند السابق ، بل يأتي عن المولى المشار إليه التصريحُ بأنّ الشيخ قد أسقط في موارد إسقاط الكليني ، بحيث لا يتأتّى احتمال الغفلة ، وغرض الشيخ من الإسقاط هو غرض الكليني من الإسقاط ، وهو الاختصار وإن حكى عن بعض الفضلاء ـ المقصودِ به الفاضلُ التستري ـ المصيرَ إلى غفلة الشيخ ، ۹ فالأمر مبنيّ على تطرّق الغفلة عن الطريقة ، لا عدمِ التفطّن بها.
وبما مرّ يظهر الحال فيما رواه الشيخ في التهذيب في كتاب الحجّ في باب العمل والقول عند الخروج ، ۱۰ وكذا [في] الاستبصار في باب توفير شعر الرأس واللحية من أوّل ذي القعدة لمن يريد الحجّ عن الكليني ، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن عليّ ، عن بعض أصحابنا ، عن سعيد الأعرج ، عن
أبي عبد اللّه عليه السلام ؛ ۱۱ حيث إنّه قد روى الكليني عن عدّة من أصحابنا عن أحمد بن محمّد إلى آخره . ۱۲ ثمّ أورد خبرا بعده عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن عليّ إلى آخره ۱۳ حوالةً للحال إلى السند السابق أيضا.
والشيخ روى رواية الكليني عن أحمد بلا واسطة ، إلاّ أنّه من باب تطرّق الغفلة ، لا عدمِ التفطّن بها.
وقد حكى المحقّق الشيخ محمّد في بعض المواضع عن والده أنّ الشيخ غفل عن قاعدة الكليني في مواضعَ ، ۱۴ قال : ولا يبعد أن يكون غيرَ غافل ، وإنّما اعتمد على المعلوميّة .
1.التهذيب ۴ : ۲۸۹ ، ح ۸۷۶ و ۸۷۷ ، باب الاعتكاف وما يجب فيه من الصيام .
2.سوره توبه ، آيه ۵۱ .
3.سوره تغابن ، آيه ۱۱ .
4.الكافي ۴ : ۱۷۷ ، ح ۱ و ۲ ، باب أقلّ ما يكون الاعتكاف .
5.انظر ملاذ الأخيار ۷ : ۹۵ ، ذيل ح ۹ ، باب الاعتكاف وما يجب فيه من الصيام.
6.سوره حديد ، آيه ۲۲ ـ ۲۳ .
7.«وَ مَآ أَصَـبَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ» (سوره شورا ، آيه ۳۰) .
8.التهذيب ۴ : ۲۹۰ ، ح ۸۸۴ ، باب الاعتكاف وما يجب فيه من الصيام .
9.الكافي ۴ : ۱۷۸ ، ح ۵ ، باب أقلّ ما يكون الاعتكاف .
10.الاستبصار ۲ : ۱۲۸ ، ح ۴۱۸ ، باب الاشتراط في الاعتكاف .
11.الاستبصار ۲ : ۱۲۶ ، ح ۴۱۱ ، باب المواضع التي يجوز فيها الاعتكاف .
12.روضة المتّقين ۱۴ : ۳۳۳ .
13.المصدر .
14.التهذيب ۵ : ۴۷ ، ح ۱۴۴ ، باب العمل والقول عند الخروج .
15.الاستبصار ۲ : ۱۶۰ ، ح ۵۲۱ ، باب توفير شعر الرأس .
16.الكافي ۴ : ۳۱۷ ، ح ۲ ، باب توفير الشعر لمن أراد الحجّ .
17.الكافي ۴ : ۳۱۸ ، ح ۴ ، باب توفير الشعر لمن أراد الحجّ .
18.انظر منتقى الجمان ۱ : ۳۵ في الهامش .