رسالة في « لزوم نقد المشيخه » - صفحه 145

[ شيخوخة الإجازة أعمُّ من الرواية ]

ثمّ إنّ شيخوخة الإجازة أعمُّ من الرواية ـ أعني الإسناد ـ وعدمِها ، ومن هذا أنّه يتأتّى الكلام في المقام في أنّ مشيخة الفقيه والتهذيبين وسائط الاءسناد أو صرف مشايخ الإجازة؟
وعلى الأوّل يتأتّى الكلام في أنّهم مشايخ الإجازة بعد كونهم وسائطَ الإسناد ، أو لم يثبت كونهم مشايخَ الإجازة؟
[ في طرق معرفة شيخوخة الإجازة ] ثمّ إنّه قد نقل صاحب مفتاح الكرامة في بعض إجازاته أنّه قد عمل المحقّق القمّي رسالة في معرفة شيخوخة الإجازة ، لكنّه ما زاد فيها على انحصار المعرفة في نصّ أرباب الرجال ، وحكى عن شيخه الشريف ۱ وجوها أربعة في باب المعرفة ، لكنّه لم يذكرها بعينها . ۲
أقول : إنّ العمدة في طريق معرفة كون الراوي من مشايخ الإجازة تنصيصُ أهل الرجال في ترجمة الراوي.
ويمكن معرفة ذلك بأن روى الشيخ في التهذيب أو الجزء الثالث من الاستبصار ۳ أو روى الصدوق في الفقيه عن كتاب مشهور لم يَلْقَ الشيخ ولا الصدوق صاحب الكتاب ، ثمّ ذكر الشيخ أو الصدوق الوسائط بينه وبين صاحب الكتاب.
ومن ذلك رواية الشيخ عن الكليني في الكافي قال في مشيخة التهذيبين :
فما ذكرناه في هذا الكتاب عن محمّد بن يعقوب الكليني ، فقد أخبرنا به الشيخ أبو عبد اللّه محمّد بن محمّد بن النعمان ، عن أبي القاسم جعفر [بن محمّد] ۴ بن قولويه ، عن محمّد بن يعقوب . وأخبرنا به أيضا الحسين بن عبيد اللّه ، عن أبي غالب أحمد بن محمّد الزراري وأبي محمّد هارون بن موسى التلعكبري،وأبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، وأبي عبد اللّه أحمد بن أبي رافع الصيمري ، وأبي المفضّل الشيباني كلّهم عن محمّد بن يعقوب ، وأخبرنا به أيضا أحمد بن عبدون ـ المعروف بابن الحاشر ـ عن محمّد بن أبي رافع وأبي الحسين عبد الكريم بن عبد اللّه بن نصر البزّاز بتنِّيسَ ۵ وبغدادَ ، عن أبي جعفر محمّد بن يعقوب الكليني جميعَ مصنّفاته وأحاديثه سماعا وإجازة ببغداد بباب الكوفة بدرب السلسلة . ۶
ويمكن معرفة ذلك أيضا برواية بعض من المشايخ الثلاثة عن بعض الرواة مع الواسطة لو كانت الواسطة من وسائط الرواية عن الكتب المشهورة ، لكنّ الظاهر أنّه مفقود الأثر.
ويمكن معرفة ذلك أيضا برواية الشيخ أو الصدوق عن بعض الرواة بلا واسطة مع توسّط واسطة أو وسائطَ ـ كما هو الغالب ، بل توسّط واسطة واحدة منعدم ـ لكنّه إنّما يتمّ لو ثبت كون رجال طرق الشيخين من مشايخ الإجازة ، سواء ثبت عدم مداخلتهم في الإسناد أو لا ، وهو غير ثابت كما يظهر ممّا يأتي.
ويمكن معرفة ذلك أيضا فيما لو قيل : «وطرق أيّ فلان أو أيّ الكتاب الفلاني كثيرة منها ما رويته عن فلان عن فلان» إلى آخر الطريق . ومنه ما ذكره الصدوق في مشيخة الفقيه بعد قوله : «وما كان فيه عن أبي حمزة الثمالي فقد رويته عن أبي رضى الله عنه ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة» ۷ من أنّ طرقه ـ أي أبي حمزة الثمالي ـ كثيرة ، فقال : «ولكنّي اقتصرت على طريق واحد».
ومقصوده من الطريق الواحد هو الطريق المذكور ؛ حيث إنّ الظاهر من كثرة الطرق إنّما هو كون رجال الطرق مشايخَ الإجازة لا وسائطَ الاءسناد ؛ لبُعد كثرة وسائط الإسناد خصوصا رواية جماعة عن واحد ، فإنّه بعد ثبوته في غاية الندرة.
نعم ، قد يوجد رواية واحدة عن جماعة عن واحد ، ومنه صحيحة الفضلاء كما سيأتي ، بل الظاهر من الطرق إنّما هو كون رجالها من مشايخ الإجازة ، لكن تخلّف هذا الظهور في طرق المشايخ الثلاثة بناءً على كون رجالها وسائطَ الإسناد فيثبت في الفرض المذكور كون رجال الطريق المذكور مشايخَ الإجازة ، فيثبت فيما سمعت من كلام الصدوق كونُ رجال ما ذكره من الطريق مشايخَ الإجازة .

1.قوله : «شيخه الشريف» الظاهر أنّ المقصود به السيّد السند النجفي (منه عفي عنه) .

2.حكاه النوري في خاتمة المستدرك ۲ : ۲۶ ، الفائدة الثالثة .

3.قوله : «أو الجزء الثالث من الاستبصار» التخصيص بالجزء الثالث من جهة أنّ الشيخ لم يحذف من الجزءين الأوّلين طائفة من الرجال من صدر السند كما صرّح به في المشيخة ويأتي الكلام في ذلك (منه عفي عنه) .

4.ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر .

5.التِنِّيس كسكِّين : بلد بجزيرة من جزائر بحر الروم ، قربَ دِمْياطَ ، تُنسب إليه الثياب الفاخرة (منه) .

6.التهذيب ۱۰ : ۵ ـ ۲۹ ، من المشيخة .

7.الفقيه ۴ : ۳۶ ، من المشيخة .

صفحه از 412