[ المقدّمة ] الخامسة : [ هذا العنوان من المسائل الأُصوليّة ]
أنّ هذا العنوان من المسائل الأصوليّة لا الرجاليّة ـ كما يتراءى بادئ الرأي ـ ويشهد به أنّ بعض الفحول ـ وهو أبو العُذْر ، في الغور في هذا الغَمْر ـ قد عنون ذلك في الأُصول ، وتبعه غير واحدٍ ممّن تأخّر عنه ۱ وتعرّضنا أيضا له في سوابق الأيّام في الأُصول ، مع أنّ هذا العنوان وعنوانَ لزوم نقد أخبار الكتب الأربعة أخَوان متراضعان من لبن واحد ، والعنوان الثاني ـ وهو الأخ الأكبر ـ مسألة أُصوليّة معروفة ، فعلى منواله الحالُ في هذا العنوان.
مضافا إلى أنّ البحث في الرجال إنّما يكون عن الموضوعات ، أعني أحوال الرواة ، وقد يبحث فيه عن الألفاظ المتعلّقة بتلك الأحوال ، والبحث في هذا العنوان إنّما هو عن الحكم ، أعني لزوم النقد كما هو الحال في أخيه الأكبر ، فلا مجال لكون هذا العنوان من المسائل الرجاليّة.
وإن قلت : إنّ الاُصول إنّما يُبحث فيه عن أدلّة الأحكام كما ينطق به حدُّه ، ولا مجال فيه للبحث عن الحكم ، والبحثُ عن الحكم إنّما هو وظيفة الفقه كما ينطق به حدّه أيضا.
قلت : إنّه قد يبحث في الاُصول عن الحكم باعتبار تعلّقه بالدليل ، بل هو غير عزيز ، فانظر البحث عن وجوب الفحص عن الخاصّ في العمل بالعامّ ، ووجوب التخصيص ، ووجوب حمل المطلق على المقيّد ، ووجوب الاحتياط في شبهة الحرمة أو الوجوب من الشكّ في التكليف وشبهة الحرمة في الشبهة المنفردة من الشبهة الموضوعيّة من الشكّ في التكليف ، ووجوب الاحتياط في الشكّ في
المكلّف به وجوبا من الشبهة الحكميّة ، ووجوب الاحتياط في شبهة المحصور وغير المحصور من الشبهة الموضوعيّة ، ووجوب العمل بالراجح في تعارض الخبرين في صورة الترجيح ، ووجوب الأخذ بأحد الخبرين المتعارضين تخييرا في تعارض الخبرين في صورة التعادل ، فضلاً عن وجوب الاجتهاد عينا ، ووجوب الاجتهاد بعد حصول القوّة ، ووجوب تقليد الأعلم ، ووجوب البقاء على التقليد بعد دخول مباحث الاجتهاد والتقليد في الأُصول .
والظاهر ـ بل بلا إشكال ـ القول بالدخول في أمثال هذه الأعصار لو قلنا بعدم الدخول في صدر الأعصار بكون تلك المباحث في تلك الأعصار من باب الاستطراد ، نظير الحقائق العرفيّة ، وإن يحتمل القول بالدخول بكون تعريف الأُصول مبنيّا على الغفلة عن تلك المباحث ، أو الورودِ ومورد الغالب . ۲
1.انظر مفاتيح الأُصول : ۳۷۴ . ونقله أيضا ولد المصنّف في سماء المقال ۲ : ۳۹۶ .
2.كلّ مطالب طرق معرفة شيخوخة الإجازة والتي بعدها ساقطة من النسخة الخطّيّة «د» فتأمّل .