رسالة في « لزوم نقد المشيخه » - صفحه 153

[ الأقوال في لزوم النقد وعدمه ]

[ أصحاب القول الأوّل ]

إذا عرفت ما تقدّم ، فنقول : إنّه قد مال بعض الرجال إلى القول بالقول بالأوّل ۱ وعليه جرى السيّد السند النجفي في بعض الفوائد المرسومة في آخر رجاله ، ۲ لكنّه خلاف ما يقتضيه كلامه في ترجمة سهل بن زياد ۳ وهو مقتضى ما صنعه في المدارك ؛ حيث قدح فيما دلّ على إفساد الغبار للصوم ـ ممّا رواه في التهذيب ، عن
محمّد بن الحسن الصفّار ، عن محمّد بن عيسى ، عن سليمان بن جعفر المروزي ، قال : سمعته يقول إلى آخره ۴ ـ باشتمال السند على عدّة مجاهيل ؛ ۵ إذ لا يتمّ ذلك إلاّ بملاحظة الطريق.
وكذا ما صنعه في المنتقى ؛ حيث ذكر في باب تغسيل الرجل المرأة وعكسه أنّ في طريق الصدوق إلى منصور بن حازم جهالةً . ۶ وذكر في باب حكم من يُقتل في سبيل اللّه أنّ في طريق الصدوق إلى أبان بن تغلب جهالة . ۷ وذكر في باب حكم المتيمّم إذا أصاب الماء وهو في الصلاة أنّ في طريق الصدوق إلى محمّد بن مسلم جهالة . ۸ وذكر في باب صلاة الجماعة أنّ طرق الشيخ إلى حمّاد ـ يعنى¨ ابن عيسى ـ ضعيفة . ۹ وذكر في باب الصوم المسنون أنّ في طريق الصدوق إلى محمّد بن مسلم جهالةً ، ۱۰ وأنّ طريق الصدوق إلى أبي الصباح الكناني غير مذكور في طرق الكتاب . ۱۱
وأورد في باب كيفيّة الوضوء ۱۲ على الحكم بصحّة رواية الشيخ عن أحمد بن
محمّد ، عن صفوان ، عن الصادق عليه السلام ـ أنّ الوضوء مثنى مثنى ۱۳ من العلاّمة في المنتهى والمختلف ـ بأنّه لا سبيل إلى حمل صفوان على ابن يحيى ؛ لأنّه لا يروي عن الصادق عليه السلام بلا واسطة ، فتعيّن أن يكون هو ابنَ مهران ؛ لأنّه يروي عن الصادق عليه السلامبلا واسطة ، وحينئذٍ يكون أحمد بن محمّد هو البزنطيَّ لا ابنَ عيسى ولا ابنَ خالد ؛ لأنّ روايتهما عنه بواسطة ، وغير هؤلاء الثلاثة لو أمكن لا ينفع في صحّة الطريق ، وطريق الشيخ في الفهرست إلى أحد كتابي البزنطي غير صحيح ولم يعلم من أيّهما أخذ الحديث ، فلا وجه لوصفه بالصحّة . ۱۴
وكذا ما صنعه في مشرق الشمسين ؛ حيث اعترض على الإيراد المتقدّم من المنتقى بأنّ حمل صفوانَ على ابن يحيى لا ينافي صحّة الحديث ؛ لكونه من أصحاب الإجماع؛ ۱۵ اءذ لولا لزوم نقد الطريق ، لاعترض أيضا بعدم ممانعة جهالة
طريق الشيخ إلى كتاب البزنطي عن صحّة الحديث ، فالإمساك عن الاعتراض به مبنيّ على لزوم نقد الطريق . ۱۶
وكذا ما صنعه في الحبل المتين في المتن والحاشية ؛ حيث حكم بصحّة حديث الوضوء المتقدّم بناءً على كون صفوان هو ابنَ يحيى اعتذارا عن عدم رواية صفوان بن يحيى عن الصادق عليه السلام بلا واسطة بكون صفوان من أهل الإجماع ؛ ۱۷ إذ مقتضاه القول بضعف الحديث بناءً على كون صفوان هو ابنَ مهران ، وهو مبنى¨ّ على ممانعة جهالة طريق الشيخ إلى البزنطي عن صحّة الحديث كما مضى من المنتقى.
وهذا إنّما يتمّ بناءً على لزوم نقد الطرق ، وإلاّ فلا ضير في الجهالة ، ويصحّ الحديث ولو بناءً على كون صفوان هو ابنَ مهران .
لكنّك خبير بأنّ ما ذُكر ينافي ما تقدّم من شيخنا البهائي من أنّ الشيخ متى اقتصر في التهذيب والاستبصار على ذكر بعض رجال السند فقد ابتدأ بذكر صاحب الأصل الذي أخذ الحديث من أصله أو مؤلّف الكتاب الذي نقل الحديث من كتابه . ۱۸
وكذا ما صنعه بعض الأواخر ؛ حيث قدح فيما دلّ على عدم إفساد الغبار للصوم ، وهو ما رواه في التهذيب عن أحمد بن الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن عمرو بن سعيد ، عن الرضا عليه السلام ۱۹ بأنّ الشيخ لم يذكر في التهذيب طريقه إلى أحمدَ المذكورِ . ۲۰
نعم ، ذكر في الفهرست طريقه إليه ، لكن بالإضافة إلى كتاب الوضوء وكتاب الصلاة لأحمد ، ۲۱ فطريقه إلى أحمد بالنسبة إلى كتاب الصوم مجهول ، ونظيره غير عزيز في كلماته.
وهو الظاهر من ابن طاووس ؛ حيث إنّه عند شرح حال الطرق قسّم الطريق إلى أقسام الصحيح وغيره . ۲۲
ولعلّه الظاهر ۲۳ من كلّ من جرى على شرح المشيخة ، إلاّ أنّه قد تعرّض التفرشي لشرح المشيخة ، ۲۴ مع أنّه جنح إلى عدم لزوم النقد كما يأتي .
لكن ظاهر العلاّمة في الخلاصة مداخلة المشيخة في اعتبار الطرق ، قال :
اعلم أنّ الشيخ الطوسي رحمه اللهذكر أحاديثَ كثيرة في كتابي التهذيب والاستبصار عن رجال لم يلق زمانهم ، وإنّما روى عنهم بوسائطَ وحذفها في الكتابين ، ثمّ ذكر في آخرهما طريقه إلى كلّ رجل رجل ممّا ذكره في الكتابين ، وكذلك فعل الشيخ أبو جعفر بن بابويه ، ونحن نذكر في هذه الفائدة على سبيل الإجمال صحّة طرقهما إلى كلّ واحد واحد ممّن يوثق به ، أو يحسن حاله ، أو وُثِّق وإن كان على مذهب فاسد ، أولم
يحضرني حاله ، دون مَن تُردّ روايته ويُترك قوله ، وإن كان الطريق فاسدا ذكرناه ، وإن كان في الطريق مَن لا يحضرنا معرفةُ حاله من جرح أو تعديل تركناه أيضا ، كلُّ ذلك على سبيل الإجمال ، وسيأتي تلخيص المقال ، وتحرير الحال . ۲۵

1.نقله عن المنتقى وعن السيّد السند النجفي وعن السيّد العلاّمة في المطالع ولدُ المصنّف في سماء المقال ۲ : ۳۹۷ .

2.رجال السيّد بحر العلوم ۴ : ۷۷ .

3.رجال السيّد بحر العلوم ۳ : ۲۵ .

4.التهذيب ۴ : ۲۱۴ ، ح ۶۲۱ ، باب إفساد الغبار للصوم .

5.مدارك الأحكام ۶ : ۵۲ .

6.منتقى الجمان ۱ : ۲۵۶ ، باب تغسيل الرجل المرأة وعكسه .

7.منتقى الجمان ۱ : ۲۹۱ ، باب حكم من يقتل في سبيل اللّه .

8.منتقى الجمان ۱ : ۳۵۸ ، باب حكم المتيمّم إذا أصاب الماء .

9.منتقى الجمان ۲ : ۱۵۵ ، باب صلاة الجماعة .

10.منتقى الجمان ۲ : ۵۳۱ ، باب الصوم المسنون . والجهالة في طريق الصدوق إلى الفضيل بن يسار ، فتأمّل .

11.منتقى الجمان ۲ : ۵۳۳ ، باب الصوم المسنون .

12.قوله : «وأورد في باب كيفيّة الوضوء» ونظيره ما رواه في التهذيب في كتاب الحجّ في باب العمل والقول عند الخروج ، وفي الاستبصار في كتاب الحجّ في باب من أحرم قبل الميقات ، عن الحسين بن سعيد ، عن حمّاد ، وقد ذكر في المنتقى أنّه اتّفقت كلمة المتأخّرين على صحّة هذا الخبر ، ولا شكّ أنّه غير صحيح ؛ فإنّ حمّادا إن كان ابنَ عثمان ـ كما يُشعر به روايته عن الحلبي ـ فالحسين بن سعيد لا يروي عنه بغير واسطة قطعا ، وإن كان ابنَ عيسى ، فروايته عن الحلبي ـ وهو عبيداللّه الحلبي ـ لابدّ أن تكون مع الواسطة . وقد أجاب السيّد الداماد ـ بعد أن ذكر تكرّر هذا السند بعينه في أسانيد الأخبار جدّا ، ولا سيّما في التهذيب والاستبصار كما أنّه حكم العلاّمة المجلسي بشيوعه بحيث لا يمكن حمله على السهو والنسيان ـ بأنّ حمّادا هو ابن عيسى والحكم بصحّة الحديث بواسطة فيظهر أنّ حمّادا من أهل إجماع العصابة نظير ما أجاب به هنا شيخنا البهائي فالأمر من باب التخلّف عن الاصطلاح ؛ لاختصاص الاصطلاح في الصحّة بالمسند ، وقد ذكر جماعة كالشهيد الثاني في الدراية ونَجْلِه في المنتقى والسيّد الداماد وشيخنا البهائي تخلُّفَ المتأخّرين عن الاصطلاح في مواردَ إلاّ أنّ الأظهر أنّ الأمر في الأكثر ليس من باب التخلّف عن الاصطلاح ، وقد حرّرنا الحال في الرسالة المعمولة في تصحيح الغير وغيرها (منه عفي عنه) .

13.التهذيب ۱ : ۸۰ ، ح ۲۰۹ ، باب صفة الوضوء .

14.منتقى الجمان ۱ : ۱۴۸ ، باب كيفيّة الوضوء ، وانظر المختلف ۱ : ۱۱۵ ، المسألة : ۷۰ ؛ المنتهى ۲ : ۱۱۹ .

15.مشرق الشمسين : ۱۵۴ .

16.في «د» : «الطرق» .

17.الحبل المتين : ۲۳ ـ ۲۴ .

18.مشرق الشمسين : ۹۹ ـ ۱۰۰ .

19.التهذيب ۴ : ۳۲۴ ، ح ۱۰۰۳ ، باب الزيادات في الصوم .

20.انظر المعتبر ۲ : ۶۵۵ ؛ المنتهى ۲ : ۵۶۵ ؛ جواهر الكلام ۱۶ : ۲۳۴ .

21.الفهرست : ۲۴ / ۶۲ .

22.حكى ذلك الشيخ حسن في منتقى الجمان ۱ : ۱۳ ، وانظر مقباس الهداية ۱ : ۱۳۸ .

23.قوله : «ولعلّه الظاهر» ويزداد الظهور ممّن جرى على شرح الحال على وجه البسط في المقال كالمولى التقيّ المجلسي والعلاّمة البهبهاني إلاّ أنّه يمكن أن يكون الغرض من البسط التصنيفَ في الرجال ، بل الظاهر أنّ غرض المولى المشار إليه إنّما كان إتمام الكتاب لو بلغ شرح الكتاب إلى شرح المشيخة ، وغرض العلاّمة المشار إليه إتمام شرح المنهج ، فظهور القول بلزوم نقد الطرق ممّن شرح الحال على وجه الإجمال كالعلاّمة والسيّد السند التفرشي أزيدُ ؛ لتمحّضه في استكشاف حال الطرق . وبما ذكر يظهر الحال فيمن أفرد كتابا في شرح مشيخة الفقيه مثلاً (منه عفي عنه) .

24.نقد الرجال ۵ : ۳۲۹ .

25.الخلاصة : ۲۷۵ ، الفائدة الثامنة .

صفحه از 412