رسالة في « لزوم نقد المشيخه » - صفحه 164

[ ما استدلّ به على عدم وجوب نقد المشيخة ]

وارتضى القولَ بذلك بعضٌ ؛ استنادا إلى أنّ قول الصدوق والشيخ : «روى فلان» خبرُ عدلٍ يشمله ما دلّ على حجّيّة خبر العدل ، وذِكْر الطرق في آخر الكتاب لا يصلح لصرفه عن ظاهره ـ أعني كونَه عن علم عاديّ ـ ؛ احتمال أن يكون الغرض منه مجرّدَ اتّصال السند.
وبعبارة أُخرى : ما دلّ على حجّيّة خبر العدل يكون أعمَّ من أن يكون عن علم يقينيّ لا يحتمل خلافه ، أو عن علم عادي ، أعني الظنّ المعتمد ، وقول الصدوق والشيخ خبرٌ ظاهره أنّه عن علم ـ ولو كان عاديا ـ فيدخل تحته ، وذِكْر الطرق في آخر الكتاب لا يصلح لصرفه عن ظاهره أعني كونه عن علم ، فيكون حجّة ، ولا يضرّ ضعف الضعيف .
وأنّ ۱ إطباق المتأخّرين قائم على ذلك ظاهرا .
وأنّ ۲ رجال الطرق من مشايخ الإجازة ومشايخ الإجازة لا يحتاجون إلى التوثيق ؛ فإنّ مجرّد شيخوخة الإجازة يدلّ على الوثاقة ، فيكون كلٌّ مِن رجال تلك الطرق من الثقات والعدول.
وأنّه ۳ قد اتّفق تزكية الشهيد الثاني في الدراية لهم على سبيل العموم في بحث العدالة ، قال :
وتعرف العدالة المعتبرة في الراوي بتنصيص عدلين عليها ، وبالاستفاضة بأن تشتهر عدالته بين أهل النقل وغيرهم من أهل العلم كمشايخنا السالفين من عصر الشيخ محمّد بن يعقوب الكليني وما بعده إلى زماننا هذا ، فإنّه لا يحتاج أحد من هؤلاء المشايخ المشهورين إلى تنصيص على تزكية ولا تنبيهٍ على عدالة ؛ لما اشتهر في كلّ عصر من
ثقتهم وضبطهم وورعهم زيادةً على العدالة ، وإنّما يتوقّف على التزكية غير هؤلاء من الرواة الذين لم يشتهروا بذلك ، ككثير ممّن سبق على هؤلاء ، وهم طرق الأحاديث المدوّنة غالبا . ۴ هذا كلامه.
وأنت خبير بشمول هذه التزكية الوافية من مثل الشهيد من أهل الدراية لمشايخ الكليني الذين هم عاصروه وأخذ هو عنهم بلا واسطة ، وكذا جميع طبقات مشايخ الشيخين الآخَرين ؛ لحيلولتهم كلاًّ بين العصرين ، مضافا إلى قوله : «وهم طرق الأحاديث المدوّنة غالبا».
وأنّ ۵ الكتب والأصول المأخوذةَ منها أحاديثُ الكتب الثلاثة كانت متواترة في زمان الشيخين كالكتب الأربعة في زماننا ، وذِكْر الطرق إنّما هو لمجرّد اتّصال السند ، كذكر المتأخّرين طرقهم إلى المشايخ الثلاثة ، فلا يوجب ضعفُ مَن فيها من الضعيف ضعفَ الرواية.
وينصرح ذلك الوجه ۶ من الشهيد الثاني في طيّ مسألة جواز العمل بالرواية ـ التي طريق تحمُّلِها الإجازةُ بعد ذكر الخلاف فيها واختيارِه القولَ بنعم ـ في قوله :
ثمّ اختلف المجوِّزون في ترجيح السماع عليها أو بالعكس على أقوال ، ثالثها : الفرق بين عصر السلف قبل جمع الكتب المعتبرة التي يعوّل عليها ويُرجع إليها ، وبين عصر المتأخّرين ، ففي الأوّل السماع أرجحُ ؛ لأنّ السلف كانوا يَجمعون الحديث من صُحُف الناس وصدور الرجال ، فدعت الحاجة إلى السماع خوفا من التدليس والتلبيس ، بخلاف ما بعد تدوينها ؛ لأنّ فائدة الرواية حينئذٍ إنّما هي اتّصال سلسلة الإسناد إلى النبيّ صلى الله عليه و آلهتيمّنا وتبرّكا ، وإلاّ فالحجّة تقوم بما في الكتب ويعرف القويّ
والضعيف منها من كتب الجرح والتعديل . ۷
وأنّ ۸ العلاّمة قد صحّح طرق الشيخين إلى أرباب الكتب المشهورة ، ۹ مع حيلولة رجال الطرق في البين ؛ فإنّ ذلك يفيد وثاقة جميع رجال الطرق ، وعليه المدار بناءً على اعتبار تصحيح مثله .
وأنّ ۱۰ الشيخ مع أنّ دأبه تضعيف الروايات بالرواة لم يضعّف روايةً ۱۱ بضعف طريق من الطرق في كتابه أصلاً .

1.. كلّها مجرور ب «إلى» في قوله : «استنادا إلى أنّ» .

2.الدراية : ۶۹ .

3.عطف على مجرور «إلى» في قوله : «استنادا إلى» .

4.أي الوجه الأخير وهو قوله : «وأنّ الكتب والأُصول» فالأولى التعبير ب «هذا» لا «ذلك» .

5.الدراية : ۹۵ .

6.عطف على مجرور «إلى» في قوله : «استنادا إلى» .

7.الخلاصة : ۲۸۲ ، الفائدة العاشرة .

8.عطف على مجرور «إلى» في قوله : «استنادا إلى» .

9.في «ح» : روايته .

صفحه از 412