الرابع : [ في أنّ اعتبار الطريق لا يكفي في اعتبار الرواية ]
أنّه ربّما يتوهّم أنّ اعتبار جميع الطرق لا يجدي في اعتبار الرواية ؛ لاحتمال ابتناء الرواية على المشافهة . نعم ، لو كان الطريق ـ ولو بعضا ـ طريقا لجميع روايات الراوي المبدوّ به في السند ـ بأن ذكر الوصف المذكور في حقّ الطرقّ كلاًّ أو بعضا ـ يتأتّى الاعتبار بلا غبار .
ويمكن دفعه بأنّ الظاهر أنّ طريقة الرواية كانت جارية على الأخذ من الكتب ولا أقلّ من كون الحال ، في الغالب على هذا المنوال ، فالظاهر أنّ الرواية مأخوذة من الكتاب بالطرق المذكورة ، وفيه الكفاية .
الخامس : [ في عدم ذكر الصدوق والشيخ الطريق إلى جماعة ]
أنّ الصدوق لم يذكر طريق روايته عن شريف بن سابق التفليسي على ما ذكره بعض الاعلام ، ۱ بل مَن لم يذكر الصدوق طريق الرواية عنه جمعٌ كثير ، قد ضبطه المولى التقيّ المجلسي في شرح مشيخة الفقيه بقرب مائة وعشرين ، فقال :
«وأخبارهم تزيد على ثلاثمائة ، والكلّ محسوب من المراسيل عند الأصحاب ، لكنّا بيّنّا أسانيدها إمّا من الكافي أو من كتب الحسين بن سعيد» . ۲
وربّما قال شيخنا البهائي في مشرق الشمسين :
وأمّا رئيس المحدّثين أبو جعفر محمّد بن عليّ بن بابويه فدأبه في كتاب من لا يحضره الفقيه ترْك أكثر السند ، والاقتصار في الأغلب على ذكر الراوي الذي أخذ عن المعصوم عليه السلام ، ثمّ إنّه ذكر في آخر الكتاب طريقه المتّصل بذلك الراوي ، ولم يُخِلَّ بذلك إلاّ نادرا .
قال في الحاشية : «كإخلاله بطريقه إلى بريد بن معاوية وأبي يحيى بن سعيد الأهوازي» . ۳
ويظهر اختلال ۴ حال هذا المقالـ أعني دعوى ندرة الإخلال بذكر الطريق من الصدوق ـ بما سمعت من المولى المشار إليه .
والشيخ لم يذكر طريق روايته عن إبراهيم بن هاشم وحمّاد بن عثمان ، بل نظيرهما غير عزيز ، بل ذكر السيّد السند النجفي أنّ الشيخ لم يذكر الطريق إلى الأكثر . ۵
ثمّ إنّ المولى التقيّ المجلسي قد نقل أنّ الصدوق نقل عن الحسن بن محبوب في كتبه في الأخبار أكثرَ من غيره سيّما في الفقيه ، فإنّ رواياته عن ابن محبوب يقرب من أربعمائة ، وعن زرارة يقرب من مائة وعشرة ، وعن محمّد بن مسلم يقرب من مائة وعشرين كمعاوية بن عمّار ، والحلبي ، والسكوني ، وابن أبي عمير ، وعن حمّاد عن الحلبي يقرب من مائة ، والمراد من
حمّادٍ ابنُ عثمانَ ، ومن الحلبي عبيدُاللّه كما هو الحال في الرواية عن الحلبي ، وكذا صفوان بن يحيى ، وعن أبان بن عثمان يقرب من ثمانين كسماعة وعبداللّه بن سنان والعلاء بن رزين ، وعن عمّار يقرب من خمسين ، وعن إسحاق بن عمّار يقرب من ستّين كحريز بن عبد اللّه وجميل بن درّاج وعبداللّه بن مسكان ، وعن أبي بصير يقرب من تسعين ، وعن عليّ بن جعفر يقرب من أربعين كحمّاد بن عيسى والحسن بن عليّ بن فضّال ، وهشام بن سالم .
وأيضا قد ضبط من روى عنه الصدوق خبرا أو خبرين ، ومن روى عنه ثلاثةً أو أربعة ، ومن روى عنه خمسة أو ستّة ، ومن روى عنه سبعة أو تسعة ، ومن روى عنه عشرا أو أحد عشر ، ومن روى عنه اثنى¨ عشر أو ثلاثةَ عشرَ ، ومن روى عنه أربعة عشر أو خمسة عشر ، ومن روى عنه سبعة عشر إلى العشرين ، ومن روى عنه أحدا والعشرين إلى الخمسة والعشرين . وذكر أنّه ذكر أسانيد مراسيل الفقيه في مواضع الإرسال ، والمراسيل تقرب من ألفي خبر . وكذا ذكر أنّه ذكر أسانيد ما ذكره في الفقيه فتوى من نفسه لا خبرا وهو يقرب من خمسمائة . ۶
1.كالتقيّ المجلسي في روضة المتّقين ۱۴ : ۳۴۹ .
2.روضة المتّقين ۱۴ : ۳۵۰ .
3.مشرق الشمسين : ۹۸ .
4.في «د» : «اختلاف» .
5.رجال السيّد بحر العلوم ۴ : ۷۵ .
6.روضة المتّقين ۱۴ : ۳۴۲ .