الحادي والثلاثون : [ في التعارض بين دليل وجزء كلام من دليل آخر ]
أنّه روى في الاستبصار في باب أنّه يجوز الإحرام بعد صلاة النافلة عن الكليني ، عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السلام : أرأيت لو أنّ رجلاً أحرم في دبر صلاة غير مكتوبة أ كان يُجزئ قال : «نعم» ، ۱ فروى عن الكليني عن عليّ بن اءبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، ۲ عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلامأنّه قال : «لا يكون الإحرام إلاّ في دبر صلاة مكتوبة أحرمت في دبرها بعد التسليم» ، ۳ فحَمل الرواية الثانية على كون الغرض أنّ الأفضل كون الإحرام عقيب الصلاة المفروضة ، ثمّ استشهد بأنّ معاوية بن عمّار ، الراويَ للرواية الأخيرة روى بعد حكايته ما قال عليه السلام : «وإن كانت نافلةً صلّت ركعتين وأحرمتْ في دبرها» ؛ ۴ حيث إنّه
لولا كون الغرض أنّ الأفضل كون الإحرام عقيب الفريضة ، للزم التناقض في حديث واحد .
أقول : إنّ الرواية الأولى ـ على ما في الكافي ۵ والتهذيب ۶ ـ خالية عن لفظة «غير» وإنّما زاد ذلك سهوا وتجشّم في دفع التعارض ۷ مع أنّ مرجع الأمر إلى ملاحظة التعارض بين الرواية الأولى والفقرة الأخيرة من الرواية الثانية ، وهو خارج عمّا يقتضيه كلماتهم في باب التعارض ؛ إذ التعارض ـ على ما يقتضيه كلماتهم ـ إمّا أن يكون بين جزئي كلامٍ واحد من دليل واحد كما في المخصِّصات المتّصلة والقيد ۸ المتّصل ، نحو أعتق رقبة مؤمنة ، أو بين كلامين من دليل واحد أو بين دليلين ، والمدار في ذلك على ملاحظة التعارض بين دليل وجزء كلام من دليل آخر .
وبوجه آخر : إن كانت الفقرة الأخيرة من الرواية الثانية من باب القرينة المتّصلة ، فلا يجري أحد على معاملة التعارض بين الرواية الأولى والفقرة المشار إليها .
كيف ومعاملة التعارض في المقام من قبيل معاملة التعارض فيما لو قيل : رأيت رجلاً شجاعا ، ثمّ قيل : رأيت أسدا يرمي ، مع وحدة المرئيّ ، والجمع المذكور من قبيل الجمع في المثال المسطور بين الرجل الشجاع والأسد بحمل الأسد على الرجل الشجاع بقرينة الرمي ، ولا يجري جارٍ عليه .
بل الجمع الذي جرى عليه ليس أولى من العكس ، بل العكس أولى ، كما أنّ الجمع المذكور في المثال المسطور ليس أولى من العكس ، بل العكس أولى ، بل
على ذلك يلزم معاملة التعارض ـ فيما لو قيل : رأيت أسدا يرمي أو في الحمّام ـ بين الأسد والرمي أو الحمّام وإن أمكن القول بأنّ الأمر فيه مبنيّ على التعارض ؛ لتعارض التجوّز في الأسد بالرجل الشجاع ، والتجوّز في الرمي أو الحمّام بإثارة التراب أو الفلاةِ الحارّة ، فالبناء على التجوّز في الأسد لابدّ فيه من الترجيح بالعرف والكثرة ، بل في جميع موارد المجاز المقرون بالقرينة المتّصلة يدور الأمر بين التجوّز في المجاز ، والتجوّز في القرينة ، ولابدّ في البناء على الأوّل من المرجّح .
لكن مِن تطرُّق التعارضِ في رأيت أسدا يرمي أو في الحمّام ـ والتعارض فيه من باب التعارض بين جزءي كلام واحد ـ لا يلزم تطرُّق التعارض بين دليل وجزء كلام من دليل آخر والكلام فيه .
وإن كانت الفقرة الأخيرة ۹ من باب الدليل المنفصل ، فالمرجع إلى معاملة التعارض بين واحد ـ أعني الفقرة الأولى من الرواية الثانية ـ وغير واحد أعني الرواية الأولى والفقرة الأخيرة من الرواية الثانية ، فلابدّ من تقديم غير الواحد على الواحد ، ولا مجال للجمع بناءً على تقديم الترجيح على الجمع ، مع أنّ الجمع المذكور ليس أولى من العكس .
1.الاستبصار ۲ : ۱۶۶ ، ح ۵۴۷ ، باب أنّه يجوز الإحرام بعد صلاة النافلة .
2.انسان در جستجوى معنا ، ص۱۴۰ .
3.همان ، ص۴ .
4.في «ح» و «د» زيادة : «ومحمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن صفوان ، عن ابن أبي عمير» وما أثبتناه موافق للمصدر .
5.الاستبصار ۲ : ۱۶۶ ، ح ۵۴۸ ، باب أنّه يجوز الإحرام بعد صلاة النافلة .
6.همان ، ص۱۷۲ .
7.ديوان شمس ، مولوى .
8.الاستبصار ۲ : ۱۶۷ ، ذيل ح ۵۴۸ ، باب أنّه يجوز الإحرام بعد صلاة النافلة .
9.الكافي ۴ : ۳۳۳ ، ح ۱۰ ، باب صلاة الإحرام وعقده .
10.انسان در جستجوى معنا ، ص۱۷۳ .
11.همان ، ص۱۷۴ .
12.التهذيب ۵ : ۷۷ ، ح ۲۵۴ ، باب في صفة الإحرام .
13.في «ح» : «رفع التناقض» .
14.همان جا .
15.في «د» : «المقيد» .
16.هذا عدل لقوله المتقدّم «إن كانت الفقرة الأخيرة» .