رسالة في « لزوم نقد المشيخه » - صفحه 270

السابع والثلاثون : [ في الإطباق على صحّة أخبار الفقيه وعدمه ]

أنّه قد حكى السيّد السند النجفي في ترجمة الصدوق الإطباقَ على صحّة أخبار الفقيه . ۱
ودونه المقال.
وحكى أيضا أنّ صاحب المعالم ـ مع اعتباره تزكيةَ العدلين في اعتبار الخبر ـ يعمل بالخبر المذكور في الفقيه . ۲
ودونه الإشكال .
إلاّ أنّه قد حكى السيّد السند المشار إليه أنّه حكى عن صاحب المعالم تلميذُه الشيخ الجليل عبد اللطيف بن أبي جامع في رجاله أنّه سمع منه مشافهةً يقول : كلّ رجل يذكره في الصحيح عنده فهو شاهدُ أصلٍ بعدالته ، لا ناقلٌ ، ۳ فحينئذٍ كان
المدار على شهادته بنفسه بالعدالة ، وشهادةِ الصدوق بصحّة أخبار الفقيه .
لكن ـ بعد الكلام في شهادة الصدوق ـ لا جدوى فيها مع وصف الوحدة بعد كون التزكية من باب الشهادة ، وإن كان صاحب المعالم من باب الشاهد أيضا ، مع أنّ الصحّة التي شهد الصدوق بها إنّما هي الصحّة بالمعنى المعروف عن القدماء ، أعني الظنّ بالصدور أو العلم بالصدور ، على ما حكاه ـ أعني العلم بالصدور ـ المولى التقيّ المجلسي . ۴
فلا جدوى في شهادة الصدوق لإثبات صحّة أخبار الفقيه بالمعنى المصطلح عليه عند المتأخّرين المعتبر فيها الإيمان والعدالة .
ومن هذا أنّه لا دلالة في «صحيح الحديث» في وصف الراوي على عدالة الراوي بالمعنى الأخصّ ، خلافا للشهيد الثاني ۵ والفاضل الجزائري . ۶ وكذا لا دلالة فيه في وصف الكتاب على عدالة الراوي حالَ رواية أحاديث الكتاب بالمعنى الأخصّ خلافا للفاضل الاسترابادي .
وتفصيل الكلام موكول إلى الرسالة المعمولة في أصحاب الإجماع ، على أنّه إن كانت معرفته بالعدالة بالعلم ، فبعد إمكانه لا حاجة إلى شهادة الغير في شيء من الموارد ، وإن كانت المعرفة مبنيّةً على الظنّ فلا اعتبار بها ، مضافا إلى أنّه ذكر في المنتقى ـ بعد ذكر بعض أخبار الفقيه ـ : أنّه وإن لم يكن على أحد الوصفين فلطريقه جودة ، يقوِّيها إيراده في كتاب من لا يحضره الفقيه ؛ حيث إنّه ذكر مصنّفه أنّه لا يروى¨ إلاّ ما يحكم بصحّته ويعتقد فيه أنّه حجّة بينه وبين ربّه ، وأنّ جميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعوّل وإليها المرجع ۷ . ۸
حيث إنّ مقتضاه عدم اعتبار الحديث المذكور في الفقيه .
والظاهر أنّ مقصوده بأحد الوصفين كون الحديث الصحي بشهادة العدلين أو كونه ممّا في حكم الصحي ، والمدار فيه ـ أعني ما في حكم الصحي كما يستفاد من أوائل المنتقى ـ على شهادة العدل الواحد أو العدلين بالعدالة ، مع كون شهادة أحد العدلين مأخوذةً من شهادة الآخر كشهادة العلاّمة في الخلاصة مع شهادة النجاشي ؛ حيث إنّ دأب العلاّمة متابعة النجاشي ، فالشاهد واحد في الحقيقة ، مع دلالة القرائن ـ التي يطّلع عليها الممارس ـ على الصحّة ، بل حكى المولى التقيّ المجلسي أنّ صاحب المعالم حكم بأنّ أكثر الأصحاب من أهل الرجال ناقلون عن القدماء ، ولذا لا يعتبر توثيقاتهم .
وبما سمعت ظهر أنّ صاحب المعالم لا يقتصر في العمل بخبر الواحد على الصحي ، كما هو المعروف ، بل يعمل بما في حكم الصحي كما صرّح به ۹ وإن أدرجه في الصحي ، ۱۰
إلاّ أنّ العمل بما في حكم الصحي مع عدم خروج الأمر عن الظنّ غير صحيح بناءً على كون المدار في التزكية على الشهادة .
لكن مقتضى ما ذكره ـ من أنّ تحصيل العلم بعدالة كثير من الماضين ، وبرأي جماعة من المزكِّين أمر ممكن بغير شكّ من جهة القرائن الحاليّة والمقاليّة ، إلاّ أنّها خفيّة المواقع ، متفرّقة المواضع ، فلا يهتدي إلى جهاتها ولا يقدر على جمع أشتاتها إلاّ من عظم في طلب الإصابة جهدُه وكثر في تصفّح الآثار كدُّه ، ولم يخرج عن حكم الإخلاص في تلك الأحوال قصده ۱۱ ـ إمكانُ حصول العلم بعدالة كثير من الرواة ، ومساعدةُ القرائن لحصول العلم بالعدالة ، فلعلّ المدار في حكم
الصحي على حصول العلم بالعدالة من جهة القرائن ، بل هو الظاهر .
وكذا الحال فيما حكي عنه كما مرّ من دعوى كونه شاهدَ الأصل في باب الصحي بكون الغرض العملَ في صورة مساعدة القرينة المفيدة للعلم ، وكذا العمل برواية الفقيه ، ۱۲ وكذا ما نقل عنه نجله من القناعة بالرواية الدالّة على العدالة عند الانضمام إلى تزكية العدل الواحد . ۱۳
هذا ، والتلميذ المشار إليه تعرّض له في الأمل ، قال :
عبداللطيف بن عليّ بن أحمد بن أبي جامع العاملي كان فاضلاً محقّقا صالحا ، قرأ عند شيخنا البهائي ، وعند الشيخ حسن بن الشهيد الثاني ، والسيّد محمّد بن عليّ بن أبي الحسن العاملي وغيرهم ، وأجازوه وله مصنّفات منها : كتاب الرجال ، وهو لطيف ، وكتاب جامع الأخبار في إيضاح الاستبصار . ۱۴
والسيّد محمّد المذكور هو صاحب المدارك .

1.رجال السيّد بحر العلوم ۳ : ۲۹۹ .

2.رجال السيّد بحر العلوم ۳ : ۲۹۹ ـ ۳۰۰ .

3.رجال السيّد بحر العلوم ۳ : ۳۰۰ .

4.روضة المتّقين ۱ : ۱۸ .

5.الرعاية في علم الدراية : ۲۰۴ . وفيه : «صحيح الحديث فإنّه يقتضي كونه ثقة ضابطا» .

6.حكم به في ترجمة عبد السلام بن صالح ، وحكاه عنه ولد المصنّف في سماء المقال ۲ : ۲۵۳ .

7.الفقيه ۱ : ۳ ، مقدمة الكتاب .

8.منتقى الجمان ۲ : ۴۴۴ .

9.منتقى الجمان ۱ : ۲۲ ، الفائدة الثانية .

10.في «د» : «الصحر» .

11.منتقى الجمان ۱ : ۲۱ .

12.منتقى الجمان ۱ : ۲۲ .

13.انظر استقصاء الاعتبار ۱ : ۲۴ و ۲۵ .

14.أمل الآمل ۱ : ۱۱۱ / ۱۰۳ .

صفحه از 412