رسالة في « لزوم نقد المشيخه » - صفحه 294

الثاني والخمسون : [ في طريق الصدوق إلى أبي بصير ]

أنّ الصدوق في مشيخة الفقيه ذكر طريقه إلى أبي بصير والطريق ينتهى¨ إلى عليّ بن أبي حمزة ، وهو البطائني . ۱
فالظاهر أنّ المقصود بأبي بصير هو يحيى الأسدي ، بل هو المتعيِّن ؛ لأنّ رواية عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير قرينة على كونه هو الأسديَّ ؛
لكونه قائدا له بناءً على انحصار المكفوف في الأسدي ، كما عن المشهور ، خلافا لما عن السيّد الداماد ۲ والمجلسيّين من كون المرادي أيضا مكفوفا ، وهو ظاهر الكشّي لذكره روايتين ـ تدلاّن على أنّ أبا بصير كان مكفوفا ـ في ترجمة ليث المرادي . ۳ إلاّ أنّه لا دليل على كون المراد بأبي بصير المذكور في الروايتين هو المراديَّ .
هذا ، وقد حكى العلاّمة المجلسي بخطّه الشريف أنّ الصدوق قد أكثر في الرواية عن أبي بصير ليث المرادي ، ولم يذكر الطريق إليه، واعتذر عن الإخلال بذكر الطريق إلى المرادي بأنّه لمّا كان الغالب روايةَ ابن مسكان عن ليث ، لم يذكر طريقه إليه فاكتفى به عن ذكر طريقه إلى ابن مسكان ، واحتمل أن يكون سهوا . ۴
والغرض من الاعتذار أنّ مقتضى الرواية عن المرادي وإن كان ذِكْرَ الطريق إليه، إلاّ أنّ الغالب كون الراوي عن المرادى¨ هو ابنَ مسكان ، فاكتفى بذكر الطريق إلى ابن مسكان عن ذكر الطريق إلى المرادي ، والمرجع إلى الاعتذار بندرة الرواية عن المرادي غيرَ مسبوق بابن مسكان ، وإلاّ ففي موارد سبق ابن مسكان على المرادي لا مجال لذكر الطريق إلى المرادي حتّى يتأتّى الاعتذار عن الإخلال بذكر الطريق إلى المرادي بسبق ابن مسكان .
والظاهر أنّ الغرض من السهو المحتمل هو السهو في الإخلال بذكر الطريق إلى أبي بصير .
وأنت خبير بأنّ قوله : «فاكتفى به عن ذكر طريقه إلى ابن مسكان» فيه سهو ، وكان الصواب العكسَ بأن يقول : فاكتفى عنه بذكر طريقه إلى ابن مسكان . ومع هذا قد ضبط المولى التقيّ المجلسي ـ كما تقدّم ـ مَن لم يذكر الصدوق الطريقَ إليه
في مائة وعشرين ، ۵
فلا حاجة إلى الاعتذار بحديث غلبة سبق ابن مسكان أو باحتمال السهو .
ثمّ إنّ في الفقيه في باب من أوصى في الحجّ بدون الكفاية : «روى ابن مسكان عن أبي بصير ، عمّن سأله» . ۶ ورواه في الكافي والتهذيب بالإسناد عن أبي سعيد ۷ وجعله الصوابَ بعض الأصحاب .
وفيه نظر ؛ حيث إنّ تعدّد الاءسناد إلى أبي سعيد وإن يوجب رجحانه ، لكن رواية ابن مسكان عن أبي بصير المرادي ـ ولا سيّما بناءً على كثرة ذلك ـ توهن المصير إلى ذلك ، بل يتأتّى رجحان سند الفقيه .
ثمّ إنّه روى في الفقيه عن أبي بصير بتوسّط عاصم بن حميد ، كما في باب ولاء المعتق ، ۸ ووهيب بن حفص ، كما في باب التدبير . ۹ وفي باب ما يجب من إحياء القصاص : «روى عليّ بن الحكم عن أبان الأحمر ، عن أبي بصير يحيى بن أبي القاسم الأسدي ، عن أبي جعفر عليه السلام» . ۱۰
قوله : «عن أبي بصير يحيى بن أبي القاسم» يتأتّى الكلام في باب يحيى وأبي بصير في أنّ يحيى بن أبي القاسم ويحيى بن القاسم متّحد أو متعدّد؟ وعلى تقدير الاتّحاد ، فالمتّحد هو يحيى بن أبي القاسم أو يحيى بن القاسم؟ وعلى تقدير التعدّد ، فهل كلّ من المتعدّد يكنّى بأبي بصير أو لا؟ وقد حرّرنا الكلام في الكلّ في محلّه .

1.الفقيه ۴ : ۱۸ ، من المشيخة .

2.الرواشح السماويّة : ۴۵ و ۴۶ ، الراشحة الثالثة .

3.رجال الكشّي ۱ : ۴۰۰ / ۲۸۹ ؛ و ۴۰۴ / ۲۹۶ .

4.وجدنا هذا المضمون في روضة المتّقين ۱۴ : ۳۰۳ .

5.روضة المتّقين ۱۴ : ۳۴۹ .

6.الفقيه ۲ : ۲۷۲ ، ح ۱۳۲۵ ، باب من أوصى في الحجّ بدون الكفاية .

7.الكافي ۴ : ۳۰۸ ، ح ۵ ، باب من يوصي بحجّة فيحجّ عنه ؛ التهذيب ۹ : ۲۲۹ ، ح ۸۹۷ ، باب وصيّة الإنسان لعبده .

8.الفقيه ۳ : ۷۹ ، ح ۲۸۳ ، باب ولاء المعتق .

9.الفقيه ۳ : ۷۲ ، ح ۲۵۳ ، باب التدبير .

10.الفقيه ۴ : ۱۲۱ ، ح ۴۲۱ ، باب ما يجب من إحياء القصاص .

صفحه از 412