رسالة في « لزوم نقد المشيخه » - صفحه 349

الحادي والثمانون : [ في اصطلاح صاحب الذخيرة ]

أنّ العلاّمه السبزواري جرى في الذخيرة ۱ ـ كما يظهر ممّا تقدّم من كلامه ـ على تصحيح أخبار الفقيه والتهذيبين ، مع اختلال حال الطريق بجهالة أو ضعف بعض رجاله بالجهالة أو غيرها في صورة اعتبار الرجال المذكورين في السند مع تقييد الصحيح بقوله : «على الظاهر» أو «عندي» إشارةً إلى اختلال حال الطريق أو بعض رجاله .

الثاني والثمانون : [ في تعارض رواية الكليني والشيخ ]

أنّه جرى المحقّق الثاني في جامع المقاصد عند الكلام في اشتباه دم الحيض بدم القرحة على ترجيح ما رواه الشيخ من كون المدار على الطرف الأيسر ۲ على ما رواه الكليني من كون المدار على الطرف الأيمن ؛ ۳ تعليلاً بأنّه أعرف بوجوه
الحديث وأضبط ، ۴ بل جرى على ترجيح ذلك بعمل الشيخ في النهاية . ۵
وأورد عليه الشهيد الثاني في الدراية بأنّه من جهة عدم الاطّلاع على كيفيّة روايات الشيخ وطرق فتواه . ۶
أقول : إنّ مزية الشيخ فضلاً بالنسبة إلى الكليني في غاية الظهور ، بل الكافي إنّما كان على سبيل مجرّد الجمع، وأمّا التهذيب فيشهد فهرسته بكمال تعميق النظر من الشيخ في أخباره ، حتى أنّه ذكر في الفهرست استنقاذ بعض المطالب (بالمفهوم واستنقاذ بعض المطالب) ۷ بالاءشعار ، لكنّ الظاهر أنّ ما وقع من الشيخ في باب الأسانيد لم يقع مثله من أحد في فنّ . نعم ، ليس الأمر في متون رواياته على حال الأسانيد ، لكن ليس الحال بحيث توجب رواية الشيخ الترجيح ، بل المولى التقيّ المجلسي ـ وهو في جودة الاطّلاع على الأخبار متنا وسندا بمكان ـ صرّح بأنّ الجمع الواقع من الكليني في حواشي الاءعجاز ، قال : «والحقّ أنّه لم يكن مثله فيما رأيناه من علمائنا ، وكلّ من يتدبّر في أخباره وترتيب كتابه يعرف أنّه كان مؤيّدا من عنداللّه تبارك وتعالى ، جزاه اللّه عن الإسلام والمسلمين أفضلَ جزاء المحسنين» . ۸
وقال السيّد السند النجفي :
إنّه كتاب جليل عظيم النفع ، عديم النظير ، فائق على جميع كتب الحديث بحسن الترتيب ، وزيادة الضبط والتهذيب ، وجمْعِه للأُصول والفروع ، واجتماعه ۹ على أكثر الأخبار الواردة من
الأئمّة الأطهار . ۱۰
لكن روى في التهذيب في باب صلاة الكسوف بسنده عن عليّ بن أبي عبد اللّه ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام . ۱۱ وعن الكافي عن عليّ بن عبد اللّه ، ۱۲ وهو سهو ؛ إذ المقصود بعليّ بن أبي عبد اللّه هو عليّ بن جعفر ، وهو يروي عن أخيه موسى عليه السلامكثيرا ، كما روى عنه هنا أيضا .
وروى في الكافي في باب من أبواب كتاب الديات والقصاص عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا ، ثمّ رجع أحدهم بعد ما قُتل الرجل ، قال : «إن قال الرابع : وهمت ضُرب الحدَّ وأُغرم الديةَ ، وإن قال : تعمّدت قُتل» . ۱۳
وروى عن ابن محبوب ، عن إبراهيم بن نعيم الأزدي قال : سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن أربعة شهدوا على رجل بالزنا ، فلمّا قتل ، رجع أحدهم عن شهادته ، قال : فقال : «يقتل الرابع ويؤدّي الثلاثة إلى أهله ثلاثةَ أرباع الدية» . ۱۴ ثمّ روى الروايتين المذكورتين في كتاب الشهادات في باب من شهد ثمّ رجع عن شهادته . ۱۵
إلاّ أن يقال : إنّ ذكر الرواية في البابين المختلفين من باب المناسبة مع البابين ليس من باب التكرار غير المناسب .
وأمّا الترجيح بفتوى الشيخ فلم أظفر بالترجيح بفتوى الفقيه الواحد ، وإن
يمكن القول به ، كيف وقد حكى الشهيد في الذكرى عن الأصحاب ـ كما مرّ ـ أنّهم كانوا يسكنون إلى فتاوى ابن بابويه عند اءعواز النصوص ؛ لحسن ظنّهم به ، وأنّ فتواه كروايته . ۱۶
ومقتضاه جواز العمل بالظنّ المستفاد من قول الفقيه الواحد ، وإن ربّما نقل الإجماع على عدم الجواز ، وجوازُ العمل بالظنّ في مقام الترجيح أسهلُ بمراتبَ شتّى من العمل بالظنّ ابتداءً في الحكم الشرعي .
ثمّ إنّه روى في التهذيب بالإسناد عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : «قال رسول اللّه صلى الله عليه و آلهلعليّ عليه السلام : يا عليّ إذا أنا مِتُّ فاغسلني بسبع قِرَب من ماء بئر غرس» ۱۷ . ۱۸
قال المولى التقيّ المجلسي في الحاشية : «روى الصفّار في بصائر الدرجات أخبارا كثيرة ، والجميع «ستّ قرب من بئر غرس» وليس السبع فيها ، فالظاهر أنّ السهو من نسّاخ الكافي ، وتبعه الشيخ وغيره» انتهى . ۱۹
و«القرب» : جمع قِرْبة . و«الغرس» ـ بفتح الغين المعجمة وسكون الراء المهملة ـ بئر المدينة ، ۲۰ فإضافة البئر إليه من باب الإضافة البيانيّة . وقيل : المشهور بئر رأس بالهمزة ، وقد روى في الكافي والتهذيب رواية مشتملة على الستّ أيضا . ۲۱
بقي أنّه قد روى في التهذيب بالإسناد عن معاوية بن عمّار ، قال : سألت
أبا عبداللّه عليه السلام عن الرجل من أهل المعرفة بالحقّ يأتيني بالبختج ويقول : قد طُبخ على الثلث ، وأنا أعلم أنّه يشربه على النصف ؟ فقال : «خمر لا تشربه» إلى آخره ، ۲۲ وهو مرويّ في الكافي بدون «خمر» قبل قوله عليه السلام : «لا تشربه» . ۲۳
وعن بعضٍ الإشكالُ في الاعتماد على رواية التهذيب ؛ تعليلاً بكثرة وقوع التحريف والزيادة والنقصان في الأخبار من الشيخ ، وقد جرى في الرياض على ترجيح رواية التهذيب وإن كان الكافي أضبطَ ؛ لتقدّم الزيادة على النقيصة . ۲۴
وفيه : أنّه لا مجال لتقديم الزيادة ، مع كون الكافي أضبطَ ؛ لتعارض جهتي الرجحان ، فيتأتّى المساواة .

1.الذخيرة : ۳۸۴ ، بحث فيما لو نسي تعيين الصلاة الفائتة .

2.التهذيب ۱ : ۳۸۵ ، ح ۱۱۸۵ ، باب الحيض والاستحاضة والنفاس .

3.الكافي ۳ : ۹۴ ، ح ۳ ، كتاب الحيض .

4.جامع المقاصد ۱ : ۲۸۴ .

5.النهاية : ۲۴ .

6.الدراية : ۵۳ ـ ۵۴ .

7.ما بين القوسين ليس في «د» .

8.روضة المتّقين ۱۴ : ۲۶۰ .

9.أي اشتماله .

10.رجال السيّد بحر العلوم ۳ : ۳۳۰ .

11.التهذيب ۳ : ۱۵۴ ، ح ۳۲۹ ، باب صلاة الكسوف .

12.الكافي ۳ : ۴۶۳ ، ح ۱ ، باب صلاة الكسوف . وفيه : «عن عليّ بن عبد اللّه » .

13.الكافي ۷ : ۳۶۶ ، ح ۲ ، باب من كتاب الديات .

14.الكافي ۷ : ۳۶۶ ، ح ۳ ، باب من كتاب الديات .

15.الكافي ۷ : ۳۸۴ ، ح ۴ ـ ۵ ، باب من شهد ثمّ رجع عن شهادته .

16.ذكرى الشيعة ۱ : ۵۱ .

17.التهذيب ۱ : ۴۳۵ ، ح ۱۳۹۸ ، باب الزيادات في تلقين المحتضرين .

18.قال في معجم البلدان ۴ : ۱۹۳ : «إنّها بقبا وذكر الحديث الموجود هنا» .

19.نقله عنه ولده في ملاذ الأخيار ۳ : ۲۳۸ ، ذيل ح ۴۳ ، باب تلقين المحتضرين .

20.القاموس الميحط ۲ : ۲۳۴ (غرس) .

21.الكافي ۳ : ۱۵۰ ، ح ۱ ، باب حدّ الماء الذي يغسل به الميّت ؛ التهذيب ۱ : ۴۳۵ ، ح ۱۳۹۷ ، باب الزيادات في تلقين المحتضرين .

22.التهذيب ۹ : ۱۲۲ ، ح ۵۲۶ ، باب الذبائح والأطعمة .

23.الكافي ۶ : ۴۲۱ ، ح ۷ ، باب الطلاء .

24.رياض المسائل ۲ : ۳۶۴ .

صفحه از 412