رسالة في « لزوم نقد المشيخه » - صفحه 353

الثالث والثمانون : [ في تعارض رواية الصدوق مع رواية الكليني والشيخ ]

أنّه روى في الفقيه بالإسناد عن عبد اللّه بن سنان ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال : «المعتكف بمكّة يصلّى¨ في أيّ بيوت شاء سواء عليه صلّى في المسجد ، أو في بيوتها» . ۱ لكن رواه في الكافي بالاءسناد عن عبد اللّه بن سنان ، قال : «المعتكف» إلى آخر المتن . ۲ ورواه الشيخ في التهذيبين بالإسناد أيضا إلى عبد اللّه بن سنان ، قال : «المعتكف» إلى آخر المتن . ۳
وربّما يظهر من ذلك أنّ الصدوق أضبط من الكليني والشيخ ، فلو وقع التعارض بين رواية الصدوق ورواية الكليني أو الشيخ فالترجيح مع رواية الصدوق .
قال في المنتقى : ولو لا ضبط الصدوق رحمه اللهوحرصه على حفظ اتّصال الحديث ، لكاد أن يضيع بصنع الجماعة . ۴
وقد حكم المحقّق الشيخ محمّد في حاشية التهذيب نقلاً بأنّ رواية الصدوق قد تُرجَّح على رواية الشيخ الطوسي ؛ تعليلاً بأنّ الصدوق أثبتُ في النقل ؛ إذ تجويز العجلة في نقل الشيخ ظاهر كما يعلم من مواضعَ .
لكن لا مجال للإشكال في رجحان رواية الصدوق بحسب السند على رواية الشيخ ؛ لما سمعت من أنّ الظاهر أنّه لم يقع مثل ما وقع من الشيخ في باب الأسانيد من غير الشيخ في فنّ من الفنون ، بل قد ظهر فيما سمعت أنّه يمكن ترجيح رواية الصدوق على رواية الكليني الراجحِ روايتُه على رواية الشيخ . وأمّا بحسب المتن فلا يخلو ترجيح رواية الصدوق على رواية الشيخ عن الوجه ؛ لتطرّق الوهن في ضبط المتن بكثرة اختلال السند وعدم الضبط فيه .
وقد حكى السيّد السند النجفي عن بعض الأصحاب ترجيح أحاديث الفقيه على غيره من الكتب الأربعة نظرا إلى زيادة حفظ الصدوق وحسن ضبطه وتثبّته في الرواية ، وتأخّر كتابه عن الكافي وضمانه فيه لصحّة ما يورده ، وأنّه لم يقصد فيه قصدَ المصنّفين في إيراد جميع ما رووه ، وإنّما يورد فيه ما يفتي به ويحكم بصحّته ويعتقد أنّه حجّة بينه وبين ربّه ۵ وبهذا الاعتبار ، قيل : إنّ مراسيل الصدوق في الفقيه كمراسيل ابن أبي عمير
في الحجّيّة والاعتبار ، وإنّ هذه المزيّة من خواصّ هذا الكتاب ، لا توجد في غيره من كتب الأصحاب . ۶
لكن الاستناد إلى ضمان الصدوق لصحّة جميع ما في الفقيه واعتبار مراسيله إنّما يتمّ بناءً على عدم وجوب نقد أخبار الفقيه وهو غير ثابت ، وقد حرّرنا تفصيل الحال في محلّه في الأصول .
وقد حكى السيّد السند المشار إليه في ترجمة الصدوق الإطباق على صحّة أخبار الفقيه . ۷ ودونه المقالُ .
وحكى أيضا أنّ صاحب المعالم ، مع اعتباره تزكية العدلين في اعتبار الخبر يعمل بالخبر المذكور في الفقيه . ۸
ودونه الإشكالُ وقد تقدّم شرح الحال . ۹
ثمّ إنّه روى في الفقيه في باب صلاة العيدين ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام رواية طويلة ۱۰ ثمّ أعاد الرواية في آخر الباب روايةً عن أبي الصباح . ۱۱ وهذا بعيد عن الضبط .
وأيضا روى في باب الأيمان والنذور والكفّارات عن حمّاد بن عثمان ، عن محمّد بن أبي الصباح ، عن أبي الحسن عليه السلام ، ۱۲ وأعاد الرواية في باب الوقف والصدقة والنحل . ۱۳
وأيضا روى في باب القود ومبلغ الدية عن سليمان بن خالد رواية ، ۱۴ وأعاد الرواية في باب ضمان الظئر . ۱۵
لكن يمكن القول بأنّ ذكر الرواية في البابين لا بأس به كما مرّ ، فلا بأس بهذا التكرار ولا التكرارِ السابق عليه كما مرّ .
وأيضا روى في باب ما يجب فيه التعزير والحدّ والرجم والقتل والنفي في الزنا أو باب حدّ ما يكون المسافر فيه معذورا في الرجم دون الجلد على اختلاف النسخ عن الحسن بن محبوب ، عن أبي أيّوب ، قال : سمعت ابن بكير يروي عن أحدهما عليهماالسلام . ۱۶ قال الفاضل الكاظمي في الحاشية : «في الكافي والتهذيب بكير بن أعين وهو الصواب ؛ لأنّ ابن بكير لا يروي عنهما عليهماالسلام» .
وأيضا روى في الفقيه في باب فضل الصدقة عن الوليد بن صبيح ، عن أبي عبداللّه عليه السلام رواية قد عُدَّ فيها من الثلاثة ـ الذين يردّ دعاؤهم ـ «رجل كان له مال فأنفقه في وجهه» ۱۷ والظاهر اتّفاق النسخ عليه . وفي أُصول الكافي في باب من لا يستجاب دعوته ۱۸ ونوادرِ البزنطي على ما في آخر السرائر «فأنفقه في غير وجهه» ۱۹ وهو المتعيّن ، والعجب أنّه فسّر سلطاننا قوله عليه السلام : «في وجهه» بوجه اللّه ، واحتمل بعضٌ آخَرُ كونَ الغرض وجهَ المال ، أي مصارفه ، ولم يذكر أحد منهما عدم مناسبة صرف المال في وجهه لعدم استجابة الدعاء .

1.الفقيه ۲ : ۱۲۱ ، ح ۵۲۲ ، باب الاعتكاف .

2.الكافي ۴ : ۱۷۷ ، ح ۴ ، باب المساجد التي يصلح الاعتكاف بها .

3.التهذيب ۴ : ۲۹۲ ، ح ۸۹۰ ، باب الاعتكاف . والاستبصار ۲ : ۱۲۷ ، ح ۴۱۵ ، باب المواضع التي يجوز فيها الاعتكاف .

4.منتقى الجمان ۳ : ۵ .

5.الفقيه ۱ : ۳ ، من المقدّمة .

6.رجال السيّد بحر العلوم ۳ : ۳۰۰ .

7.رجال السيّد بحر العلوم ۳ : ۲۹۹ .

8.المصدر .

9.في «د» زيادة : «يكون الغرض العمل في صورة مساعدة القرينة المفيدة للعلم» .

10.الفقيه ۱ : ۳۲۴ ، ح ۱۴۸۵ ، باب صلاة العيدين .

11.الفقيه ۱ : ۳۳۱ ، ح ۱۴۹۰ ، باب صلاة العيدين .

12.الفقيه ۳ : ۲۲۸ ، ح ۱۰۷۳ ، باب الأيمان والنذور والكفّارات .

13.الفقيه ۴ : ۱۸۳ ، ح ۶۴۳ ، باب الوقف والصدقة والنحل .

14.الفقيه ۴ : ۷۸ ، ح ۲۴۳ ، باب القود ومبلغ الدية .

15.الفقيه ۴ : ۱۱۹ ، ح ۴۱۳ ، باب ضمان الظئر إذا انقلبت على الصبيّ فمات أو يدفع الولد .

16.الفقيه ۴ : ۳۰ ، ح ۸۱ ، باب حدّ ما يكون فيه المسافر معذورا في الرجم دون الجلد .

17.الفقيه ۲ : ۳۹ ، ح ۱۷۳ ، باب فضل الصدقة .

18.الكافي ۲ : ۵۱۰ ، ح ۱ ، باب من لا تستجاب دعوته .

19.السرائر ۳ : ۵۵۶ ، من المستطرفات .

صفحه از 412