رسالة في « لزوم نقد المشيخه » - صفحه 395

الثامن والتسعون : [ في تصحيح الطريق من الغير ]

أنّ تصحيح الطريق من الغير قد يكون في ضمن تصحيح الحديث ، كما في تصحيح العلاّمة أو غيره من الفقهاء في الفقه بعضَ أخبار التهذيب أو الجزء الثالث من الاستبصار ، أو بعضَ أخبار الفقيه .
وقد يكون بالاستقلال ، لكن على نهج الإجمال ، كما في التصحيح ممّن تصدّى لشرح حال الطرق في الجملة ، كالعلاّمة في الخلاصة ، ۱ كما يظهر ممّا مرّ ، أو بالكلّيّة ، كالسيّد السند التفرشي ۲ والفاضل الأسترابادي ۳ لو اتّفق التصحيح من نفسه ، وإلاّ فالغالب تقلُّد التصحيح من الخلاصة مع التقرير أو الردّ .
وأمّا تصحيح الطريق ممّن تصدّى لشرح الطريق على التفصيل ، كما وقع من المولى التقيّ المجلسي في باب طرق الفقيه ، فهو خارجٌ عمّا نحن فيه .
وبالجملة ، فعلى التقديرين الحالُ في تصحيح الطريق على منوال تصحيح الحديث ، لكن تصحيح الطريق على الثاني أبعدُ من الاشتباه منه على الأوّل ؛ إذ المفروض أنّ التصحيح على الثاني قد وقع من بعض المَهَرَة في الرجال ، بخلاف الأوّل ؛ فإنّ الغالب وقوعه من غير المهرة في الرجال ، مع أنّ عرض متعلّق التصحيح على الثاني أقلُّ من عرضه على الأوّل، أعني أنّ رجال الطرق أقلّ من رجال الحديث ، ولا ريب أنّ الأقلّ أبعد عن الاشتباه من الأكثر في عموم الموارد ، لكن يتأتّى الكلام في اعتبار الظنّ المذكور ؛ لكونه من باب الظنّ قبل الفحص ، كما هو الحال في تصحيح الحديث بعد حصول الظنّ فيه ؛ إذ بعضهم منع عنه .
والكلام في اعتبار الظنّ المذكور ـ كالكلام في اعتبار الظنّ في تصحيح الحديث ـ مبنيّ على الكلام في اشتراط اعتبار الجرح والتعديل بالفحص وعدمه ، والكلام فيه مبنيّ على الكلام في أنّ الجرح والتعديل من باب الشهادة أو الخبر أو الظنون الاجتهاديّة . ويظهر شرح الحال بالرجوع إلى الرسالة المعمولة في تصحيح الغير .
وأمّا على الأوّل فربّما يتوهّم تطرّق الراحة والاستراحة من جهة اقتضاء اعتبار التصحيح عدمَ الحاجة إلى علم الرجال على حسب التوهّم في تصحيح الحديث .
ويندفع بأنّ النزاع في اعتبار تصحيح الغير وارد مورد الغالب ، وهو ما لو كان التصحيح بقول مطلق ، فكان ظاهرا في الصحّة على وجه الاتّفاق ، وأمّا لو قيل : «في الصحيح على الصحيح» فلا مجال لكفاية التصحيح ؛ لصراحته في اشتمال السند على الراوي المختلف فيه ، فلا يحصل الظنّ بالصحّة .
لكن يمكن أن يقال : إنّه لو كان القائل من الماهرين في الرجال ، يحصل الظنّ بالصحّة ، لكن اعتباره مبنيّ على عدم اشتراط اعتبار الجرح والتعديل بالفحص ،
وأمّا لو كان القائل غيرَ ماهر في الرجال ـ كما هو الغالب ـ فلا يحصل الظنّ بالصحّة .
وعلى ذلك المنوال الحالُ لو قيل : «في الصحيح لحمّاد بن عيسى» مثلاً ؛ إذ الغرض منه انجبار ضعف السند بواسطة بعض السابقين على حمّاد بن عيسى بناءً على كون أصحاب الإجماع جابرةً للضعف فيمن تقدّم ، بل لا مجال في المقام لحصول الظنّ ، كيف لا ولا مجال للظنّ بأحد طرفي الخلاف قبل الفحص في مسألة كلّيّة خلافيّة غامضة .
وكذا الحال لو قيل : «فى¨ الصحي» كما اصطلح عليه السيّد الداماد ۴ والوالد الماجد رحمه الله ؛ إذ الغرض منه اشتمال السند على بعض أصحاب الإجماع ، مع كونه مسبوقا بالضعف في بعض من تقدّم عليه .
وكذا الحال لو قيل : «في المرسل كالصحيح» لو كان الغرض اعتبارَ المرسَل من خصوص المرسِل ، كما لو كان المرسل هو ابنَ أبي عمير بناءً على اعتبار مرسلاته ، أو من جهة دخوله في أصحاب الإجماع ، بل الأمر على الأوّل يرجع إلى مسألة أُصوليّة خلافيّة ، ولا مجال للظنّ بأحد طرفي الخلاف في مسألة قبل الفحص كما سمعت ، مضافا إلى أنّ المعروف بين السابقين عدم اعتبار الظنّ في الأصول ، فكيف يتمّ القناعة بالتصحيح في المقام .
وكذا الحال لو قيل : «في صحيح فلان» لو كان الغرض عدمَ إذعان القائل بصحّة الحديث ؛ لعدم ثبوت اعتبار فلان عنده ، أو ثبوت عدم اعتبارْ عنده .
لكن قد يكون الغرض تشخيصَ الحديث لا تمريضَ فلان والتعريضَ إلى عدم اعتباره ، نظير الإضافة في ماء البحر والبئر والنهر ونحوها من الماء المطلق ؛ حيث إنّ الغرض تشخيص المصداق لا تصحيح الإطلاق ، كما في ماء الرمّان والعنب والهندباء ونحوها من الماء المضاف .
وكذا الحال لو قيل : «في الصحيح عن فلان» بل الظاهر فيه عدم إذعان القائل بعدم صحّة الحديث ؛ لعدم ثبوت اعتبار فلان عنده ، أو ثبوت عدم اعتباره عنده ، بخلاف ما لو قيل : «روى فلان في الصحيح» ، فإنّ الظاهر ـ بل بلا إشكال ـ دلالته على إذعان القائل ـ بل الكلِّ ـ بصحّة الحديث واعتبار فلان .
ثمّ إنّ تصحيح الطريق على الوجهين ، كتصحيح الحديث يتأتّى الكلام فيه تارة قبل الفحص ، وهو مسألة أُصوليّة معروفة ، وأُخرى بعد الفحص . والغرض أنّه إذا اتّفق من مثل العلاّمة في الفقه ، كما لو قيل : «في صحيح زرارة كذا» وحكم العلاّمة في الخلاصة مثلاً بصحّة بعض الطرق ، ثمّ رأينا الحديث بسند بعض رجاله مهملاً أو مجهول الحال بعد الفحص في كتب الرجال ، فهل التوثيق المزبور يفيد توثيق البعض المذكور فيقتضيَ التصحيحُ وثاقةَ البعض المذكور ـ ولو في سندٍ آخَرَ ـ وصحّةَ سند الاخر لو انحصر غير المعتبر في ذلك ، وكان سائر رجال السند موردَ الاعتبار ، أولا؟
وعلى التقديرين هل يحكم بصحّة الحديث المصحّح ويلزم العمل به ، أولا؟
وقد حرّرنا الكلام في الرسالة المعمولة في تصحيح الغير .

1.الخلاصة : ۲۷۵ ، الفائدة الثامنة .

2.نقد الرجال ۵ : ۳۲۹ ، الفائدة الرابعة .

3.انظر منهج المقال : ۴۰۷ ، الفائدة الثامنة .

4.الرواشح السماويّة ۴۷ و ۴۸ ، آخر الراشحة الثالثة .

صفحه از 412