الثاني والمائة : [ الكلام في شبه الاستفاضة ]
أنّه قال الصدوق في مشيخة الفقيه :
وما كان فيه عن أبي حمزة الثمالي فقد رويته عن أبي رضى الله عنه ، عن سعد بن عبداللّه ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ـ إلى أن قال ـ : وطرقي إليه كثيرة ، ولكنّي اقتصرت على طريق واحد . ۱
قيل : الطريق الذي ذكره مجهول ، لكنّه ذكر أنّ طرقه إليه كثيرة ، وهذا يشعر بأنّ هذه الكتبَ كانت عندهم مشهورةً ، وهذه الطرق للتيمّن والتبرّك ، أو لمجرّد اتّصال السند ، فلا يضرّ ضعفها .
أقول : إنّه لا حاجة إلى ما ذكر ؛ إذ الاستفاضة ـ وهي دائرة بين ما فوق الواحد ، وما فوق الاثنين ، وما فوق الثلاثة على الخلاف ـ كافية في اعتبار الحديث إلى تمام السند ، فكذا الحال في بعض السند ، مع أنّ المنقول في المقام كثرة الطريق ، والمرجع إلى الشهرة ، وهي كافية في تمام السند بلا شبهة ؛ فكذا الحال في بعض السند ، لكنّه مبنيّ على كون الشهرة فوق الاستفاضة .
بل يمكن القول باعتبار شبه الاستفاضة، وهو ما لو تعدّد متن الحديث الضعيف السند مع اتّحاد الراوي عن الإمام عليه السلام بأن تعدّد الطريق إلى الراوي عن الإمام عليه السلام ، نظرا إلى أنّه كما يبعد الكذب عن أشخاص متعدّدة ، كذا يبعد الكذب عن شخص واحد مرّاتٍ متعدّدةً ، أو في حكم مرّاتٍ متعدّدةٍ ، كما لو روى شخص واحد عن جماعة في مجلس واحد ؛ لانحلاله ـ على تقدير الكذب ـ إلى أكاذيبَ متعدّدةٍ .
لكن يمكن القول بدخوله في الاستفاضة بكون المدار على تعدّد المتن وإن لم يتعدّد السند ، وكونِ اعتبار تعدّد السند من باب غلبة تعدّد المتن في تعدّد السند ، بل الفرض المذكور في غاية الندرة .
1.الفقيه ۴ : ۳۶ ، من المشيخة .