رسالة في « محمد بن الفضيل » - صفحه 30

[ ابن بابويه في رواية مولد الإمام عليّ بن الحسين عليه السلام ]

ثمّ إنّ في الكافي عند بيان مولد عليّ بن الحسين عليهماالسلام روايةً في ذيلها : أنّ عليّ بن الحسين كان يحجّ على ناقة كانت لها ويعتمر ولم يقرعها قرعة قطّ ، ۱ فقال ابن بابويه عن الحسين بن محمّد بن عامر عن أحمد بن إسحاق بن سعيد ۲ عن سعدان بن مسلم [عن أبي عمارة عن رجل] ۳ عن أبي عبد اللّه ، إلى آخر الرواية . ۴
وذكر العلاّمة المجلسي في الحاشية بخطّه الشريف : أنّ المراد بابن بابويه عليّ بن بابويه ، والكلام فيه كلام التلميذ الذي جمع كتاب الكليني ، أي : كان هذا الخبر في نسخة عليّ ، ولم يكن في باقي النسخ .
ويحتمل رواية الكليني عنه أيضاً ، كذا قيل .
وفي الوافي : يحتمل أن يكون «أين» بمعنى المكان ، و «أبويه» بمعنى والديه ، يعني : أنّى لأحد بمثل أبويه ، فيكون المراد أنّه لايوجد مثل أبويه في الشرف ، ولهذا كان كذلك ۵ انتهى .
ومن أفاضل المعاصرين مَنْ قرأ «ابن بانويه» أي : شهربانويه ، صار في الفضل إلى هذه المرتبة .
وكلّ ذلك نشأ من عدم التتبّع والربط بمصطلحات القوم ؛ بل الصواب أنّه «ابن بابويه» كما اتّفقت عليه النسخ . والمراد به الصدوق محمّد بن عليّ بن بابويه ، فإنّه من رُواة الكافي ، كما هو المذكور في إجازات البحار .
ولمّا كانت النسخ التي رواها التلامذة عن الكليني ـ رحمه اللّه ـ مختلفةً في بعض المواضع ، فعرض الأفاصل المتأخّرون عن عصرهم [تلك النسخ] ۶ بعضها على بعض ، فما كان فيها من اختلافٍ أشاروا إليه ، وسيأتي في عرض الكتاب في نسخة الصفواني كذا ، وفي نسخة النعماني كذا ، وهو إشارة إلى أنّ الحديث المذكور بعده إنّما كان في نسخة الصدوق ، ولم يكن في سائر النسخ ، فهكذا حقّق المقام ، ولاتصغ إلى ما صحّفوه لقلّة التدرّب بأساليب الكلام . ۷
أقول : إنّ ما جرى عليه العلاّمة المشار إليه هو الأظهر ؛ بناءً على مانقله ممّا ذكر في إجازات الأصحاب من كون الصدوق من رُواة الكافي .
وأمّا مانقله الوافي وبعض أفاضل معاصريه ، فهو في غاية البُعْد ، مضافاً إلى المخالفة لما اتّفق عليه النسخ ، كما نقله العلاّمة المشار إليه .
وأما كون الأمر من باب الرواية عن عليّ بن بابويه ، فهو وإن كان ممكناً ؛ قضيّةَ المعاصرة ـ كما تقدّم ـ إلاّ أنّه بعيد ؛ لبُعْد نقل المعاصر عن المعاصر في كتابه ، مضافاً إلى عدم اتّفاق رواية الكليني عن ابن بابويه في روايةٍ اُخرى في الكافي .
وأمّا كون الأمر من باب كون عليّ بن بابويه من رُواة الكافي ، فهو خلاف الظاهر ؛ لما مرّ من انصراف «ابن بابويه» إلى الصدوق ، مضافاً إلى ظهور ضعفه بما ذكره العلاّمة المشار إليه من كون الصدوق من رواة الكافي .
وما لو قيل ـ من أنّه يمكن أن يكون والد الصدوق أيضاً من رواة الكافي ـ واضح الفساد .
وبالجملة ، فقوله : ابن بابويه جزء الرواية السابقة ، بناءً على ما عن الوافي وبعض الأفاضل ، وعلى غير ذلك من الوجوه الثلاثة المتقدّمة من قبيل رأس السند ، ومن هذا أنّه لم يأت في البحار بذكر تلك الفقرة في ذيل الرواية المتقدّمة وإن لم يذكرها في صدر السند ؛ لعدم النقل عن الكافي ؛ إذ الرواية في البحار ۸ منقولة عن منتخب البصائر والبصائر .
هذا ، وتعليل التصحيف من العلاّمة المشار إليه بقلّة التدرب بأساليب يناسب المقام ، وإنّما يناسب ما لو كان الكلام في أمر لفظيّ بحسب القواعد والأوضاع اللغويّة أو القواعد النحويّة أو الصرفيّة .
وقد حرّرنا الكلام أيضاً في الرسالة المعمولة في رواية الكلينيّ عن الحسين بن محمّد ، واللّه العالم .

1.الكافي ۱ : ۴۶۷ ، ح ۳ ، باب مولد عليّ بن الحسين عليهماالسلام .

2.في المصدر : «سعد» .

3.مابين المعقوفين من المصدر .

4.الكافي ۱ : ۴۶۸ ، ح ۴ ، باب مولد عليّ بن الحسين عليهماالسلام .

5.الوافي ۳ : ۷۶۴ ـ ۷۶۵ ، ح ۱۳۸۷ ، باب ما جاء في عليّ بن الحسين عليهماالسلام .

6.بدل ما بين المعقوفين في «ح» و «د» : «نسخ» . والظاهر ما أثبتناه .

7.مرآة العقول ۶ : ۹ ـ ۱۰ ، و ليس فيه بعض الجملات .

8.بحار الأنوار ۲۷ : ۲۶۸ ، ح ۱۶ ، و ص ۲۷۰ ، ح ۲۱ ، باب ما يحبّهم عليهم السلام من الدوابّ والطيور .

صفحه از 52