رسالة في علم الرجال - صفحه 461

من المشكلات أنّا لا نعلم مذهب الشيخ الطوسي رحمه الله في العدالة، و أنّه يخالف مذهب العلّامة، و كذا لا نعلم مذهب بقيّة أصحاب الرجال كالكشّي و النجاشي و غيرهم، ثمّ نقبل تعديل العلّامة في التعديل على تعديل اُولئك، و أيضا كثير من الرجال ينقل عنه أنّه كان على خلاف المذهب، ثمّ رجع و حسن إيمانه، و القوم يجعلون روايته من الصحاح مع أنّهم غير عالمين بأنّ أداء الرواية متى وقع، [أ] بعد التوبة أم قبلها؟ و هذان الإشكالان لا أعلم أنّ أحدا قبلي تنبّه لشيء منهما ـ انتهى ـ . ۱
و اُجيب عن الإشكالين؛ أمّا عن الأوّل، فبوجوه:
الأوّل: أنّ العدالة تُحمل على العدالة الواقعيّة، كما هو الشأن في أفعال المسلمين و أقوالهم، و الكاشف عنها اعتقاد المعتقد، غاية الأمر أنّ الواقع يصير مختلفا بحسب الآراء، و لا ضير فيه؛ إذ كلّ مجتهد مكلَّف على العمل برأيه، و على هذا استقرّت طريقة المسلمين و سجيّتهم في مقام الشهادات في الدعاوي و غيرها.
و الثاني: أنّ معنى العدالة شيء واحد، و لا خلاف فيه، و هو عبارة عن الملكة؛ إذ هي وصف من الأوصاف القائم بالإنسان كسائر الأوصاف مثل الشجاعة و السخاوة، فكيف يعقل تفسيرها بالأفعال، مع أنّ الأخبار الواردة في الباب أدلّ دليل في المطلق، سيّما صحيحة ابن أبي يعفور. و ما نسب إلى بعض القدماء كابن الجنيد و السيّد و الشيخ ـ رضوان اللّه عليهم ـ من قناعتهم في العدالة على مجرّد ظهور الإسلام مع عدم ظهور الفسق فليس خلافا في المسألة؛ لدلالة عباراتهم المحكيّة في سائر المقامات على كونها عبارة عن الملكة، و إنّما اكتفوا به تمسّكا بأنّ الأصل في المسلِم هو العدالة، و إنّما الخلاف في الكاشف عنها، فاكتفى بعضهم بما ذكر، و الآخر بحسن الظاهر. نعم عن بعض المتأخّرين القول بحسن الظاهر خاصّة، و هو غير مضرّ في ما نحن بصدده من حمل كلمات المعدّلين على الملكة؛ لخلوّ كلمات القدماء عن هذا المذهب.
و الثالث: أنّ هذا الإشكال لا محلّ له في المقام؛ إذ هو فرع وجود لفظ العدالة في كلمات المعدّلين، و لم نجد له أثرا في كلماتهم، و إنّما الموجود في كلماتهم لفظ

1.نقله الفاضل التوني رحمه الله في الوافية، ص۲۷۴.

صفحه از 478