شرح حديث "إنّ الأرض على الحوت" - صفحه 468

الجهلية المَناسب(؟) و التناسب ، و هي الأرض المظلمة الطاغوتية ۱ الناسوتية البالغة في الطغيان و النسيان ، [ و ] إنما هي عكس الأرض العقلانية اللّاهوتيّة التي أشرقت بنور ربّها ۲ ؛ فإن هذه الطّاغوتية الناسوتيّة المظلمة ضدّ تلك اللّاهوتية المَشرقية ، و مجعولة في جعل واحد بتبعية تلك اللّاهوتية المشرقية بتبعية الجهل في الجعل للعقل ، و الجعل المتعلق بالعقل أوّلاً و بالذات هو بعينه يتعلق بالجهل ثانيا و بالعرض . كما تَقرّر في محلّه .
فيكون المراد من «الحوت» حينئذٍ الطبيعة البهيميّة البَهَمُوتيّة البالغة في البهميّة التى بها تُحيى تلك الأرض الناسوتيّة الطاغوتيّة ، و تتغذى و تنمو بها الشّجرة الزقُّوميّة ، و أقويها(؟) في تنمية تلك الشّجرة الخبيثة.
و يكون المُراد من «الماء» هاهنا الماء الاُجاج ۳ و البحر المُظلم الموّاج ؛ كما قال عزّ من قائل : «أَوْ كَظُـلُمَـتٍ فِى بَحْرٍ لُّجِّىٍّ يَغْشَـلـهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُـلُمَـتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ»۴ الآية ، و هو ماء المادة الهيولانية الجهلانية الخارجة عن حدود الأمزجة الاعتدالية القائمة على الاستقامة و الاستواء ؛ فإنّها واقفة في غاية البُعد عن الطريقة ۵
الوسطى المفرطة في التأبّي و الإباء عن قبول السير والسّلوك على سبيل السّواء ، و تكون منزلة تلك الطبيعة الحوتية البَهَمُوتيّة من ذلك البحر المُظلم منزلة القُوّة التامّة في مادة الشّجرة الخبيثة التي «اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ»۶ .
و يكون المراد من «الصّخرة» الصّخرة التي قال تعالى حكاية عن لقمان الحكيم : «يَـبُنَىَّ إِنَّهَآ إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِى صَخْرَةٍ أَوْ فِى السَّمَـوَ تِ أَوْ فِى الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللّه »۷ . وهي القلب القسيّ البالغ في القساوة كما ينظر إليه قوله سُبحانه : «ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَ لِكَ فَهِىَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً»۸ .

1.المخطوطة : لطاغوتية .

2.اقتباس من سورة الزمر (۳۹) ، الآية ۶۹ .

3.اقتباس من سورة الفرقان (۲۵) ، الآية ۵۳ .

4.النور (۲۴): ۴۰ .

5.المخطوطة : لطريقة .

6.إبراهيم (۱۴): ۲۶ .

7.لقمان (۳۱): ۱۶ .

8.البقرة (۲): ۷۴ .

صفحه از 472