شرح ثلاثة أحاديث - صفحه 643

في أخلاقهم وأطوارهم ونفوسهم وقابليّاتهم، فهم مقدّسون روحانيّون قائلون: «إِنَّمَآ أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ»۱ لئلّا تنفروا عنهم اُمّتهم، ويقبلوا منهم، ويأنسوا بهم.
وهذا أحد تفاسير الخبر المشهور في العقل، كما أوضحناه في كتاب بحار الأنوار ۲ بأن يكون المراد بالعقل نفس النبيّ صلى الله عليه و آله ، وأمره بالإقبال عبارة عن الترقّي في مدارج الكمال والفضل ونيل القُرب والوصال، وأمره بالإدبار كناية عن التوجّه بعد وصوله إلى أقصى مراتب الكمال إلى التنزّل عن تلك المرتبة والتوجّه إلى تكميل الخلق، وبه أيضاً يمكن تفسير قوله تعالى: «قَدْ أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرا رَسُولاً»۳ ، بأن يكون إنزاله صلى الله عليه و آله كناية عن تنزّله عن تلك الدرجة القصوى التي لا يسعها مَلكٌ مقرّب ولا نبيٌّ مرسل إلى معاشرة الخَلق ومؤانستهم لهدايتهم، فكذلك في إفاضة سائر الفيوض والكمالات هم وسائط بين ربّهم وبين سائر الموجودات، فكلّ فيض وجودي يبتدئ بهم صلوات اللّه عليهم، ثمّ ينقسم على سائر الخلق، ففي الصلاة عليهم استجلاب للرحمة إلى معدنها، وللفيوض إلى مقسمها لتنقسم على سائر البرايا.
وبما حقّقناه يظهر سرّ كثير من الآيات والأخبار على مَنْ أُوتي عقلاً نورانياً، وفهماً ربّانياً.
ولقد بسطنا الكلام في ذلك وأمثاله فى¨ الفوائد الطريفة لشرح الصحيفة، واللّه الموفّق لكلّ خير، والحمدُ للّه أوّلاً وآخراً، وصلّى اللّه على محمّد فخر المرسلين وأهل بيته الغُرّ الميامين.
وكتب هذه الأسطر بيمناه الجانية العبد الخاطئ الخاسر القاصر عن نيل المآثر والمفاخر ابن محمّد تقيّ ـ قدّس اللّه روحه ـ محمّد باقر عفى اللّه عنهما في شهر شعبان المعظّم من شهور سنة ستّ وسبعين بعد الألف من الهجرة.
نقلته من خطّه بواسطة واحدة في شهر رمضان المبارك من شهور سنة 1206؛ العبد حسن بن عليّ.

1.الكهف (۱۸): ۱۱۰.

2.بحارالأنوار، ج ۱، ص ۹۹، ذيل ح ۱۴.

3.الطلاق (۶۵): ۱۰ ـ ۱۱.

صفحه از 644