منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 377

«الإثم» في قوله تعالى : «قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّىَ الْفَوَ حِشَ مَاظَهَرَ مِنْهَا وَمَابَطَنَ وَالإِْثْمَ وَ الْبَغْىَ بِغَيْرِ الْحَقِّ» ، حيث عرض غموض لفظة «الإثم» على وضوح قوله تعالى : «يَسْئلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَآ إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَـفِعُ لِلنَّاسِ» ، فعُلِمَ بأنّ الإثم تعني الخمر ، ولهذا أعرب الإمام عن هذا صراحةً بقوله : «وأمّا الإثم فإنّها الخمرة بعينها» . ولمّا كان الإثم محرّما في آية تحريم الفواحش، وعلمنا بأنّ لفظة الإثم تعني «الخمر» في آية السؤال عن الخمر والميسر، دلّ هذا على أنّ الخمر «الإثم» محرّم من آية تحريم الفواحش .
وإذا ما حاولنا تتبّع تصريح الإمام وتفسيره لآية تحريم الفواحش مقاربةً منّا لمعرفة المنطلق التأسيسي الذي اعتمده الإمام في بيان أصناف المحرّمات، فإنّا سنجد أنّ الإمام عليه السلام قد استند إلى منهج تفسير القرآن بالقرآن في كلّ صنفٍ أبانه من هذه المحرّمات، بيد أنّه تارةً يصرّح بالآية المفسّرة، وتارةً أُخرى لا يصرّح بتلك الآية المفسّرة ، ذلك بأنّا إذا نظرنا إلى آية تحريم الفواحش، فسنقف على أنّ جميع المحرّمات في الآية هي مبهمة ، فالفواحش جمعٌ التصق به « ال »، فدلّ على العموم ، والعموم من أدوات الإبهام في الخطاب العربي . وكذا الحال للإثم، فهو اسم جنس اتّصل به « ال »، فدلّ على العموم أيضا .
ولا تختلف لفظة «البغي» في هذا الصدد كثيرا عن لفظة «الإثم»، ذلك بأنّ لفظة «البغي» مصدر متّصل بالألف واللّام ليدلّ على عموم أنواع البغي أيضا، فهو شبيه بقولك «الضرب لزيد حرام»، فهذه العبارة تعني تحريم كلّ أنواع الضرب وأشكاله على زيد وبالكيفيات جميعها ، ومثاله أيضا قولك : «اعطوا الكرم لمحمّد خاصّة»، حيث تدلّ العبارة على إعطاء كلّ أنواع الكرم لمحمّد ، من مأكل حسن ومشرب عذب ولباس ناعم واحترام عال وشفاعة مؤدّاة وتقديم له في المجالس، وغير ذلك من وجوه التكريم .
من هنا نفهم أنّ أصناف التحريم في الآية كلّها مبهمة، بيد أنّ اللّه تعالى وضع بعض التخصيصات للفظتي «الفواحش» و«البغي»، فأمّا «الفواحش» فحدّدها بأنّ منها

صفحه از 406