منهج تفسير القرآن بالقرآن في مرويات الكافي للشيخ الكليني - صفحه 378

الظاهرة ومنها غير الظاهرة، وكلاهما محرّم ، وأما «البغي» فقد حدّدها بغير الحقّ .
نقول: إنّ الفواحش وإن حدّدها بالظاهرة والباطنة، إلّا أنّ المعنى فيها ما يزال يشوبه شيءٌ من الغموض ، ولهذا نحسب أنّ الإمام قد استدلّ على تحديد معنى الفواحش الظاهر منها والباطن من خلال عرض هذه الآية على كتاب اللّه تعالى نفسه، فإذا ما تتبّعنا لفظة «الفاحشة» في التعبير القرآني لوجدناها تدلّ على «الزنا»، وهو المعنى الذي فسّر به الإمام عليه السلام لفظة الفواحش ، وهذا الزنا تارةً يشير إليه النصّ القرآني على أنّه زناً مُعلن فيعبّر عنه بالفاحشة ، وتارةً أُخرى يشير إليه على أنّه زناً غير مُعلن مثل زواج الابن من امرأة أبيه، وقد عبّر عنه بالفاحشة أيضا.
بيد أنّ الحاسم ما بين التعبير بذات اللفظ، هو قرائن السياق الذي ترد فيه لفظة «الفاحشة»، فهي التي تحدّد كون المراد الزنا المعلن أم الزنا المبطن «زواج الابن من امرأة أبيه»، ومصداق ذلك قوله تعالى : «وَلَا تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءَابَآؤُكُم مِّنَ النِّسَآءِ إِلَا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَآءَ سَبِيلاً»۱ ، فلفظة «الفاحشة» في هذه الآية ـ مثلاً ـ تدلّ على الزواج بزوجة الأب المتوفّى، والمعنى واضح من قرائن السياق بلا عناء ، على حين أنّ قوله تعالى : «وَ لَا تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَـحِشَةً وَسَآءَ سَبِيلاً»۲ ، نجد فيه لفظة «الفاحشة» تدلّ على الزنا المعلن صراحةً، ولا إشارة للدلالة على معنى الزواج بزوجة الأب المتوفّى . ومن ذلك أيضا قوله تعالى : «وَالَّـتِى يَأْتِينَ الْفَـحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً»۳ ، فالنصّ واضح في دلالته على الزنا المعلن .
من هنا نقرّر أنّ لفظة «الفاحشة» في الأعمّ الأغلب تدلّ في السياقات القرآنية على معنيين، هما: «الزنا المُعلن» وهو ما عبّر عنه اللّه تعالى بالفاحشة الظاهرة ، و«زواج

1.النساء : ۲۲.

2.الإسراء : ۳۲.

3.النساء : ۱۵.

صفحه از 406