509
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : تَقتُلُهُ الفِئَةُ الباغِيَةُ . فَلَمّا قُتِلَ عَمّارُ بنُ ياسِرٍ قالَ خُزَيمَةُ : قَد بانَت لِيَ الضَّلالَةُ ، وَاقتَرَبَ فَقاتَلَ حَتّى قُتِلَ . ۱

ز ـ قِتالُ الأَشتَرِ

تؤدّي الحوادث العصيبة ومشقّات الحياة وصروف الدهر دورا مهمّا في صقل الناس ، وتبلور رفعتهم وعزّتهم .
إنّ هذا النوع من الحوادث كما يُجلّي عظمة الروح الإنسانيّة بنحو بيّن ، فإنّه يترك أثره العميق في إيجاد الأرضيّة التي تتبلور فيها شخصيّة الإنسان في بعض الأحيان ، وبها تتجلّى بواطن الناس ؛ فإنّه في صروف الدهر وحدثانه تُعرف حقيقة الإنسان ، وقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام : «في تَقَلُّبِ الأَحوالِ عِلمُ جَواهِرِ الرِّجالِ» ۲ خير آية على هذه الحقيقة العميقة .
وهكذا كانت معركة صفّين مرآةً تجلّت فيها شخصيّة مالك المتألّقة في تاريخ التشيّع ؛ فقد كان الوجه البارز ، والبطل الشجاع الباسل في هذه الحرب .
1 . كان دور مالك واضحا في تحفيز الكوفيّين الذين كانوا يسمعون كلامه ، وفي إرسالهم إلى المعركة .
2 . كان له دور أساسي في تنظيم الجيش .
3 . كان مالك على مقدّمة الجيش ، وكانت هيمنته العظيمة ومواجهته البطوليّة لمقدّمة جيش معاوية ـ التي كان عليها أبو الأعور السلمي ـ قد أرغمتا هؤلاء على الفرار من الميدان .

1.الطبقات الكبرى : ج۳ ص۲۵۹ .

2.نهج البلاغة : الحكمة ۲۱۷ .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
508

على حقّانيّة أمير المؤمنين عليه السلام من خلال كلام هذا الشيخ الجليل الفتيّ القلب . . . الذي ينبع حديثه من أعماق قلبه ، من أجل أن يتثبّتوا من مواضع أقدامهم .
ولمّا تجندل ذلك الشيخ المتفاني ذو القدّ الممشوق ، وتضمّخ بدمه ، وشرب كأس المنون . . . كبر ذلك على كلا الجيشين . ورأى مثيرو الفتنة ومسعّرو الحرب ما أخبر به رسول اللّه صلى الله عليه و آله باُمّ أعينهم ، وإذ شقّ عليهم وصمة «الفئة الباغية» فلابدّ أن يحتالوا بتنميق فتنة اُخرى وخديعة ثانية ؛ ليحولوا دون تضعضع جندهم ، وهذا ما فعله معاوية . ۱
فقد إمامنا العظيم ـ صلوات اللّه عليه ـ أخلص أصحابه وأفضلهم ، وقُطع عضده المقتدر ، واغتمّت نفسه المقدّسة وضاق صدره ، فقال : رَحِمَ اللّهُ عَمّارا يَومَ أسلَمَ ، ورَحِمَ اللّهُ عَمّارا يَومَ قُتِلَ ، ورَحِمَ اللّهُ عَمّارا يَومَ يُبعَثُ حَيّا . ۲

ه ـ اِضطِرابُ جَيشِ مُعاوِيَةَ

۴۱۹.شرح نهج البلاغة :قالَ مُعاوِيَةُ لَمّا قُتِلَ عَمّارٌ ـ وَاضطَرَبَ أهلُ الشّامِ لِرِوايَةِ عَمرِو بنِ العاصِ كانَت لَهُم : «تَقتُلُهُ الفِئَةُ الباغِيَةُ» ـ : إنَّما قَتَلَهُ مَن أخرَجَهُ إلَى الحَربِ وعَرَّضَهُ لِلقَتلِ !
فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : فَرَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إذَن قاتِلُ حَمزَةَ ! ! ۳

و ـ اِستِشهادُ خُزَيمَةَ بنِ ثابِتٍ ذِي الشَّهادَتَينِ

۴۲۰.الطبقات الكبرى عن عمارة بن خزيمة بن ثابت :شَهِدَ خُزَيمَةُ بنُ ثابِتٍ الجَمَلَ وهُوَ لا يَسُلُّ سَيفا ، وشَهِدَ صِفّينَ وقالَ : أنَا لا أصل ۴ أبَدا حَتّى يُقتَلَ عَمّارٌ ، فَأَنظُرَ مَن يَقتُلُهُ ؛ فَإِنّي

1.تاريخ الطبري : ج۵ ص۴۱ .

2.الطبقات الكبرى : ج۳ ص۲۶۲ .

3.شرح نهج البلاغة : ج۲۰ ص۳۳۴ ح۸۳۵ .

4.كذا في المصدر ، والصحيح : «لا أصولُ» أي لا اُقاتِلُ كما في اُسد الغابة .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 282688
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي