وأمّا ما سواها من العوالم بأسرها فإنّما هي تفاصيل لما انطوى فيها فيكون الكلّ في الكلّ كما هو الظاهر من التأمّل في قوله تعالى : « كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ »۱ وفي قوله : « مَا يَعْزُبُ عَن رَبِّكَ مِن مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّماءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ »۲ وفي قوله : « وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ »۳ .
قال رئيس صناعة ۴ الحكمة في إلهيّات شفائه : إنّ النفس الناطقة كمالها الخاصّ به ۵ أن يصير عالماً عقليّاً مرتسماً فيه صور الكلّ والنظام المعقول في الكلّ والخير الفائض في الكلّ مبتدءًا من مبدأ الكلّ وسالكاً إلى الجواهر الشريفة الروحانيّة ۶ المطلقة ثمّ الروحانيّة ۷ المتعلّقة نوعاًمّا من التعلّق بالأبدان ثمّ قال لك ۸ حتّى تستوفي في نفسها هيئة الوجود كلّه فينقلب عالماً معقولاً موازياً للعالم الموجود كلّه مشاهداً لما هو الحُسنُ المطلق ۹ والخير المطلق ، والجمال الحق ومتّحداً به ومتنقّشاً بمثاله وهيئته ومنخرطاً في سلكه وصائراً من جوهره ، انتهى مرشداً فيما ادّعينا .
ثمّ لا يخفى أن قوله سبحانه محمول على معنى آخر على ما سلكه معلّم الكلّ في الكلّ ، مُقنّن رحيق التحقيق من عدّة السبل ـ أدام اللّه لواء تعليمه على رؤوس المتعلّمين إلى يوم الدين ـ في آخر كتابه التقديسات بقوله : ولعلّ في قوله عزّ من قائل :
1.هود : ۱ .
2.يونس : ۶۱ .
3.الأنعام : ۵۹ .
4.في المخطوطة : صاعة .
5.ذكر في الهامش : باعتبار الإنسان .
6.ذكر في الهامش : أي العقول الصرفة ، وهي أحد وخمسون على مشرب التحقيق ، ويقال لها الكرّوبيون «م» .
7.أي النفوس الفلكية التي تحرك الأفلاك والنفوس العناصر .
8.خطاب للنفس .
9.أي ذات الواجب جل مجده «م» .