المعارف الإلهيه (شرح حديث من عرف نفسه) - صفحه 21

« وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إلاّ هُو »۱ إشارة إلى الإحاطة بالأسباب ۲ المنتهية إلى شخصيّات نظام الوجود ، فهي مفاتيح الغيب وليس يحيط بجميع الأسباب إلاّ هو ، ثمّ في قوله الكريم : « وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ » وكذلك في كريمة اُخرى « وما يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلاّ فى كتاب مبين » إن سيق القصد إلى انكشاف الموجودات بحسب وجوداتها العينيّة رِيمَ بالكتاب المبين شخصُ النظام الجملي التامّ المتّسق ، وإن سيق إلى معلوميّتها بحسب صورها المنطبعة في المدارك العقلانيّة والنفسانيّة عُني به جوهر مفارق تنتقش فيه صورة نظام الوجود من أوّله إلى أقصاه ، واللّه عنده علم الكتاب ، انتهى ۳ .
ثمّ لا يخفى أنّ الكتاب المبين على ما سلكه ـ دام ظلّه ـ أوّلاً وإن كان آخر مراتب القدر ولكن يجري فيه القضاء العينيّ باعتبار آخر على ما إليه الإشارة بقوله الشريف : شخص النظام الجملي ، لإشعاره بأخذه مرّة واحدة لا تفصيل فيه ولا الكثرة الإفراديّة تعتريه ۴ المعبّر عنه بالسلسلة العرضيّة تارةً ، وبالمبدع اُخرى ؛ لعدم واسطة شرط بينه وبين مبدءه أصلاً ، كما يعبّر عنه بماله من الإعتبار ۵ الأوّل بالسلسلة الطوليّة على ما إليه الإشارة الإلهيّة بقوله : « كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ » الآية .
ونعم ما قال رئيس صناعة المشّاء أبو علي بن سينأ : إذا نسبت العلّة الاُولى إلى الكلّ معاً كان مُبدِعاً ، وإذا نسبت بالتفصيل لم يكن / 3 / مبدعاً لكلّ شيء بل لما لا واسطة بينه وبينه ۶ .
هذا ۷ ، فقد ظهر أنّ نسبة الصادر الأوّل في هذه السلسلة كنسبة جملتها في

1.الأنعام : ۵۹ .

2.أي بالكلية ، وقول الشيخ محمول بالوجه . «م» .

3.التقدسيات ، المخطوطة ، ص۳۷ ـ ۳۸ .

4.الاعتراء : الإحاطة .

5.أي اعتبار التفصيل الذي آخر مراتب القدر «م» .

6.أي الموجد والعلّة الاُولى .

7.أي بالكلية ، وقول لشيخ محمول بالوجه . «م» .

صفحه از 30