المعارف الإلهيه (شرح حديث من عرف نفسه) - صفحه 22

المبدعيّة إلى مبدءها لعدم توسّط شرط ما بينهما ، وإنّما قيّدنا ذلك بالقضاء العينيّ حيث إنّ هنا قضاء آخر علميّاً سابقاً على الموجودات الخارجيّة من الصور الثابتة في العالم العقلي على الوجه الإجمالي الكليّ مجتمعة مجملة على سبيل الإبداع والقدر عبارة من حصول صور الموجودات في العالم النفسي على الوجه الجزئي التفصيليّ مطابقة لما في الموادّ العينيّة من الصور والأعراض التابعة للطبائع على حسب اختلاف استعداد المواد القابلة المرتبطة بالمبادئ الفاعلة من الأنوار ۱ الشاهقة والأنفس والأجرام الفلكيّة بما يلحقها من الأوضاع والحركات والعوارض والهيئات تباعاً لمحرّكاتها من الأشواق والتصوّرات إلى أقصى الغايات وقصوى النهايات أي عنايته الأزليّة المرسومة بإحاطته بجميع العاليات والسافلات .
وبالجملة : المعتبر في القضاء العلمي أن يكون في حيّز الإبداع فتكون صور الموجودات الجزئيّة المتغيّرة الفاسدة هناك ، متميّزة بوجوه كليّة منضمّ بعضها إلى بعض حتّى انحصر جملةٌ منها بحسب الصدق في جزئيّ جزئيّ من تلك الصور ، هذا إذا اعتبر في القضاء الصور في حدّ الإبداع ، وأمّا إذا لم يعتبر ذلك يكون كلّ سابق من المراتب التفصيليّة قضاء لما يتلوه لكونه مجملاً بالقياس إليه .
وأمّا القضاء العلمي للجوهر الصرف الذي هو العقل الأوّل أو القلم أو الحقيقة المحمّديّة على اختلاف التعبيرات فذات مُبدعه لقربه إليه بحسب السلسلة الطوليّة ، بل إنّه لمّا كان وجوداً علميّاً للجميع لكونه مبدءه فيكون هو الكلّ في وحدة فيكون قضاء ، وذلك قدراً .
ثمّ لا يخفى أنّ الظاهر من الآية الكريمة الإلهيّة أن يكون للأشياء وجود بحسب القضاء مقدّم على وجودها بحسب القدر « وكلّ شيء عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ »۲ ضرورة أنّ تنزيل الشيء فرع أن يكون له وجود على نحو آخر ، وتمام

1.أي العقول المرتفعة .

2.الحجر : ۲۱ .

صفحه از 30