المعارف الإلهيه (شرح حديث من عرف نفسه) - صفحه 23

التحقيق فيما أوردناه في شرحنا لكتاب تقويم الإيمان ، وفيه من المزايا في الخبايا . ۱
ولنرجع إلى ما قصدنا ، فنقول : إنّ ما وقع عن بعض الأماجد /4/ بقوله : حتّى قيل أنّه عالم صغير لمساواته الكبير ، ومحاذاته له ، اه .
ثمّ لا يخفى أنّ العالم لمّا كان ما يعلم به الشيء كالخاتم ما يختم به ، ومن البيّن أنّ متتبّعي الآفاق والأنفس اصطلاحُهم على إطلاق العالم بهذا المعنى على كلّ ذرّة من الذرّات لكونها مرآةً لمعرفة الواجب بالذات حسبما تغلب عليها نشأة من النشآت سيّما هذه النشأة المقدّسة الإنسانيّة الجامعة للمجرّدات والماديّات الدالّة على ما له من الصفات ، يرشدك إليه قوله تعالى : « وَإِن مِن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ »۲ ، ومن هنا إنّ كلّ ما في الوجود عالم من العوالم شعر :

سبحان من جعل العوالم كلّهامجموعةً في فطرة الإنسان
فتعيّن أن يكون المراد منه ۳ معنى آخر وهو ما سواه ـ تعالى مجده ـ على ما هو الظاهر .
وبالجملة إنّ العالم لمّا كان عبارة عمّا سواه تعالى ، والإنسان مُنتخب عنه اُنموذجٌ له يكون عالماً صغيراً بالقياس إليه ، فقد استبان أنّ إطلاق العالم عليه بمعنين : أحدهما كونه مرآةً له تعالى مجده ، وثانيهما كونه اُنموذج ما سواه ـ تعالى عزّه ـ وكلّ من الموجودات من العاليات والسافلات متساوية الأقدام في كونه عالماً بالاعتبار الأوّل دون الآخر ، فتدبّر .
وأمّا ما وقع عنه أيضاً بقوله : إنّ العالم الآخر مشتمل على ما في الإنسان فلا يعجبني ضرورة أنّ اشتماله على ما فيه لا اختصاص له به لاحتوائه على كلّ ذرّة من الذرّات وما فيها وأمر ما فيه ، لا يخفى على اُولي النهى مع جريان المناقشة فيه بنفسه وعدم ملائكته لما أورده متّصلاً به بقوله : وتزعم أنّك جزء صغير وفيك انطوى العالم الأكبر .

1.در آثار نويسنده از چنين كتابى ياد نشده است ، تقويم الايمان ، ص۱۴۹ ـ ۱۵۳ .

2.الإسراء : ۴۴ .

3.أي من العالم في قوله : إنّه عالم صغير .

صفحه از 30