وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 431

فَصْلٌ : في كيفيّة سماع الحديث وتحمّله

والذي استقرّ عليه البحثُ بين الخاصّة والعامّة من ذلك ثمانيةُ طُرُقٍ :

الأوّل : سماعُ لفظ الشيخ من حِفظه أو كتابٍ

وهو «الإملاء» وهو أرفع الأقسام عند الجماهير ؛ لأنّ الشيخَ أعرفُ بوجوه تأدية الحديث ، ولأنّه خليفةُ النبيّ ، والأخذ منه كالأخذ منه ، والنبيّ قد أسمعَ الناسَ ، ولأنّ السامعَ أوعى قلبا ، وتَوَزُّعُ الفكر إلى القارئَ أسرعُ .
ولا خلافَ أنّه يجوز للسامع حينئذٍ أن يقول : «حَدَّثَنا» و«أَخْبَرنا» و«أَنْبَأَنا» و«نَبَّأَنا» و«سمعتُهُ يقولُ» و«قالَ لنا» و«ذَكَرَ لنا» . هذا في الصدر الأوّل ، ثمّ شاعَ تخصيص «أَخْبَرَنا» بالقراءة على الشيخ ، و«أَنْبَأَنا» و«نَبَّأَنا» بالإجازة .
وقال بعضهم : «حَدَّثَنا» و«أَخْبَرَنا» أرفعُ من «سمعتُ» ؛ إذْ ليس في «سمعتُ» دلالةٌ على أنّ الشيخَ رَوَّاهُ إيّاه ۱ .
وأمّا «قالَ لنا» و«ذَكَرَ لنا» فكـ «حَدَّثَنا» ، غير أنّه لائقٌ بسماع المُذاكرة ، وهو به أشبهُ ،
وأوضعُ العبارات «قالَ» و«ذَكَرَ» من غير «لي» أو «لنا» ؛ لأنّه أعمُّ من كونه سمعه منه بواسطةٍ أو وسائط ، لكنّهُ محمولٌ على السماع منه إذا تَحَقَّقَ لقاؤُه .

1.حكاه عن الخطيب البغدادي في مقدّمة ابن الصلاح : ۹۸ ؛ وتدريب الراوي ۲ : ۸ .

صفحه از 515