وصول الأخيار إلي أُصول الأخبار - صفحه 442

ومنع أكثرُ العامّة من العمل بها مع تحقّق أنّها روايته ؛ لأنّه لم يُحدَّثْ بها لفظا ولا معنىً .
ويؤيّد الأوّلَ ما رُوّيْناه بطرقنا المتكثّرة عن محمّد بن يعقوب ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن الحسن بن أبي خالد شَيْنولة قال : قلتُ لأبي جعفر الثاني عليه السلام : جعلت فداك ، إنّ مشايخنا رَوَوْا عن أبي جعفر وأبي عبد اللّه عليهماالسلاموكانت التقيّةُ شديدةً ، فكتمُوا كُتُبَهُم ، فلم تُرْوَ عنهم ، فلمّا ماتُوا صارت الكتبُ إلينا ؟ فقال : «حَدِّثُوا بها ؛ فإنّها حَقٌّ» ۱ .
وإذا وجد حديثا في تأليف شخصٍ ، قال : «ذكر فلانٌ» ، وهذا منقطعٌ لا شوبَ فيه ، وذلك إذا لم يعلم أنّه رواه ، وإلاّ فهو كالأوّل ، هذا إذا وثقَ بأنّه خطّه ، وإلاّ فليقل : «بَلَغَني عن فلانٍ» أو «قرأتُ في كتابٍ أخبرني فلانٌ أنّه بخطّه» أو «أظنُّ أنّه خطّه» أو «ذَكَرَ كاتبُه أنّه خطّه» أو «تصنيفُ فلانٍ» .
وإذا نقل من تصنيفٍ فلا يقول : «قالَ فلان» إلاّ إذا وثقَ بصحّة النسخة ، وإلاّ فليقل : «بَلَغَني عن فلان» أو «وَجَدْتُ في نسخةٍ من كتاب» ونحوه . وقد تسامح الناس في هذه الأزمان بالجزم في ذلك من غير تَحَرٍّ ، فإن كان الناقلُ مُتْقِنا لا يخفى عليه غالبا الساقطُ والمغيَّرُ ، رجونا جوازَ الجزم له . وإلى هذا استروح المصنّفون في كتبهم .

تنبيهٌ :

مَنْ رأى في هذا الزمان حديثا صحيحَ الإسناد في كتابٍ أو جزءٍ لم ينصّ على صحّته علماؤنا أو بعضهم ، أو لم يكن الكتابُ معروفَ المؤلّف ، أو كان معروفَ المؤلّف ولم تكن نسختُه صحيحةً مرويّةً بخصوصٍ أو عمومٍ ، لم يحكم بصحّته ، ولم يَجُزْ الاعتماد عليه في الأحكام ، لا نعلمُ في ذلك مخالفا .
واللّه وليُّ التوفيق .

1.الكافي ۱ : ۵۳ ، كتاب فضل العلم ، باب رواية الكتب والحديث وفضل الكتابة والتمسّك بالكتب ، ح ۱۵ .

صفحه از 515