رسالة في « محمد بن أبي عمير » - صفحه 447

[ تحليل عبارة النجاشي ]

وقد يتوهّم أنّ قوله : «فلذلك» من كلام النجاشي ، ولذا نسب إليه نقل الإجماع على قبول مراسيل ابن أبي عمير .
إلاّ أنّه لعلّه خلاف ظاهر العبارة ، مع أنّ النجاشي كيف يعلّل سكون الأصحاب بكلام القائلَيْن ! مع عدم ثبوت صدقه عنده . فعلى ما ذكرنا لابدّ من كون مقصود القائلَيْن أنّ محفوظه كان أخباراً مسانيد صحيحة ، إلاّ أنّه وقع الإرسال ؛ لتطرّق النسيان ، فالتفريع في قوله : «فلذلك» لابدّ أن يكون مسبوقاً بتفريعٍ آخَر هو وقوع الإرسال ، ولايصحّ ذلك التفريع إلاّ على تقدير كون المراد أنّ محفوظه كان مسانيد معتبرة .
وأيضاً مراسيل ابن أبي عمير لاتخرج عن الإرسال بأن كانت في متن الواقع مسانيد معتبرة مدوّنة في الكتب ؛ لأنّ الخبر المسند لو روي على طريق الإرسال مرّة اُخرى ، لايخرج عن الإرسال في المرّة الاُخرى ، فإخراج مراسيل ابن أبي عمير عن الإرسال حقيقة لاوجه له .
وأيضاً ما حكاه عن جماعة متوهّمين من أنّ إجراء حكم المسانيد على مراسيل ابن أبي عمير من جهة جلالة قدره بَيِّنُ الفساد ؛ العدم دلالة عدالة الراوي على عدالة المرويّ عنه كما حرّرناه في محلّه ، وإن يظهر من الذخيرة عند الكلام في نيّة الصوم عدمُ رواية العدل عن غير العدل ، وقال عند الكلام في نسيان تعيين الصلاة الواحدة الفائتة : رواية الثقات عن الضعفاء ليس إلاّ قليلاً ، كما أشرنا إليه مراراً . ۱
واختار القولَ بدلالة رواية العدل على عدالة المرويّ عنه السيّد الداماد ، بل ادّعى هو الاتّفاقَ على ذلك . ۲
ثمّ إنّه روى في الفقيه ـ في أواخر باب الدَّيْن ـ عن إبراهيم بن هاشم :
أنّ محمّد بن أبي عمير كان رجلاً بزّازاً فذهب ماله وافتقر ، وكان له على رجل عشرة آلاف درهم ، فباع داراً له ـ كان يسكنها ـ بعشرة آلاف درهم وحمل المال إلى بابه ، فخرج إليه محمّد بن أبي عمير فقال : ما هذا ؟ فقال : هذا مالك الذي لك عليَّ ، قال : ورثته ؟ قال : لا ، قال : وُهب لك ؟ قال : لا ، قال : هو ثمن ضيعة بعتها ؟ قال : لا ، قال : فما هو ؟ قال : بعت داري التي أسكنها لأقضي دَيْني ، فقال محمّد بن أبي عمير : حدّثني ذريح المحاربي عن أبي عبد اللّه عليه السلامأنّه قال : «لايخرج الرجل من مسقط رأسه بالدَّيْن» ارفعها فلاحاجة لي فيها ، واللّه إنّي لمحتاج في وقتي هذا
إلى درهم ومايدخل ملكي منها درهم . ۳
قوله : «فذهب ماله» مقتضى بعض مارواه الكشّي أنّه كان ربّ خمسمائة ألف درهم .
ثمّ إنّه روى في الكافي ـ في كتاب المواريث ، في باب الرجل يموت ولايترك إلاّ امرأته ـ عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمّد بن سماعة عن محمّد بن الحسن بن زياد العطّار عن محمّد بن نعيم الصحّاف ، قال :
مات ابن أبي عمير بيّاع السابري وأوصى إليَّ وترك امرأة له ، ولم يترك وارثاً غيرها ، فكتبت إلى العبد الصالح عليه السلام ، فكتب إليَّ : «أعط المرأة الربع ، واحمل الباقي إلينا» . ۴

1.الذخيرة : ۵۱۴ ؛ و ص ۳۸۴ .

2.الرواشح السماويّة : ۱۷۸ ، الراشحة السابعة والثلاثون .

3.الفقيه ۳ : ۱۱۷ ، ح ۵۰۱ ، باب الدين والقروض .

4.الكافي ۷ : ۱۲۶ ، ح ۱ .

صفحه از 476