353
اسباب اختلاف الحديث

والأمر محظورا ، لأنَّ اللّه سترها عن أكثر خلقه . . . » ۱ .
أقول : الوجه الأوّل ـ من الوجهين الّذين حمل عليهما أخبار النهي عن الكلام في القدر ـ هو ما عالجنا به المورد .

إشارة إلى أمثلة اُخرى :

۳۵۹.الاستبصار :ج1 ص221 ح780 ـ 783 الباب 132 . وفيه : «إنّ ذلك يطيق وأنت لاتطيق » . والمورد من باب التكلّم على قدر استطاعة الُمخاطبين في العبادة والاجتهاد .

۳۶۰.معاني الأخبار :ص340 ح10 ، عن الإمام الصادق عليه السلام وفي آخره : «إنَّ للقرآن ظاهرا وباطنا ، ومن يحتمل ما يحتمل ذريح ۲ » ۳ .

تنبيه في وجه ملاكية العقل في دراسة الحديث

إن قلت : إذا كانت الأحاديث مشتملة على حقائق صعبة لا تدرك العقل الساذجة غورها، فكيف يمكن اعتبار العقل من ميزات صحّة الأحاديث ، وتمييزها عن الأحاديث الموضوعة وأخواتها ؟
وبعبارة اُخرى: تدلّ السُنّة على كون موافقة العقل ومخالفته من الملاكات المميّزة بين الأحاديث المعتبرة والمختلقة ، مع احتمال كون الأحاديث المخالفة لحكم العقل ناظرة إلى بعض الحقائق الثقيلة على عقول غير الخواصّ في نفس الأمر . فهل يبقى لهذا الملاك الهامّ ـ المؤكَّد عليه في أوامر المعصومين عليهم السلام ـ محلّ في معالجة الأحاديث ؟!
الجواب : ببيان واضح وحلّ حاسم يحتاج إلى ملاحظة اُمور :
الأوّل : أنَّ الإسلام دين لجميع الناس والنبيّ الكريم صلى الله عليه و آله مرسل إلى كافّتهم ، مع تفاضل

1.تصحيح الاعتقادات : ص۵۴ ـ ۵۹ .

2.يعني ذريح بن محمّد بن يزيد أبو الوليد المحاربي الثقة رضى الله عنه .

3.راجع أيضا بحار الأنوار : ج۹۲ ص۸۳ ح۱۵ .


اسباب اختلاف الحديث
352

علاج الاختلاف:

علاج اختلافهما بحمل الأوّل على كونه إرشادا إلى صعوبة فهمه على المخاطب، وأنّه لا يؤمن عليه الضلال بالخوض فيه ؛ لثقل وجه المسألة وأدلّتها على عقله . وأمّا إذا كان المخاطب رزين العقل ذا قدم في العلم والثقافة ، فلا بأس بخوضه فيه ، فإنّ «كلّ امرئ وما احتمله» .
قال الشيخ الصدوق قدس سره : «اعتقادنا في ذلك قول الصادق عليه السلام لزرارة حين سأله فقال : ما تقول يا سيّدي في القضاء والقدر؟ قال : «أقول إنَّ اللّه تعالى إذا جمع العباد يوم القيامة سألهم عمّا عهد إليهم ، ولم يسألهم عمّا قضى عليهم . وبقوله : والكلام في القدر منهيّ عنه، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام لرجل سأله عن القدر فقال : بحر عميق فلا تلجه . . . الحديث » ۱ .
ويلاحظ عليه: أنَّ العلم بكنه حقيقة القدر بتفاصيله وإن كان يرجع إلى العلم بكنه علم اللّه تعالى وغيره من الصفات ، غير أنَّ فهم ما دون ذلك ميسَّر لأهله ، وليس بمنهي عنه ، ودليله ما قدّمناه من الروايات .
جواب الشيخ المفيد: وقد أورد عليه شيخنا المفيد قدس سره ـ بل شدّ في إيراده ـ ، ثمَّ حقّق معنى القدر بكلام لطيف لا يخلو من تفصيل ، ثمّ قال : «فأمّا الأخبار الّتي رواها أبو جعفر رحمه اللهفي النهي عن الكلام في القضاء والقدر فهي تحتمل وجهين ؛ أحدهما : أن يكون النهي خاصّا بقوم كان كلامهم في ذلك يفسدهم ويضلّهم عن الدين ، ولا يصلحهم في عبادتهم إلاّ الإمساك عنه، وترك الخوض فيه ، ولم يكن النهي عنه عامّا لكافة المكلّفين ، وقد يصلح بعض الناس بشيء يفسد به آخرون . وقد يفسد بعضهم بشيء يصلح به آخرون ، فدبّر الأئمة عليهم السلام أشياعهم في الدين بحسب ما علموه من مصالحهم فيه . وثانيهما : أن يكون النهي عن الكلام في القضاء والقدر النهي عن الكلام فيما خلق اللّه تعالى، وعن علله وأسبابه، وعمّا أمر به وتعبّد ، وعن القول في علل ذلك، إذا كان طلب علل الخلق

1.الاعتقادات للصدوق: ص۳۴ الباب ۷ .

  • نام منبع :
    اسباب اختلاف الحديث
    المساعدون :
    المسعودي، عبدالهادي؛ رحمان ستايش، محمد كاظم
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 230405
الصفحه من 728
طباعه  ارسل الي